يقلم اليسار.............
قربه خاويه
لَملَمَتْ خصلات شَعرِها البيضاء المتناثرة , وقَيدَتهنَ بأحد شالاتها البالية ,
جلسَتْ على أرضٍ باردةٍ أمام المرآة المكسورة من وسطها تتجرع ندباً عجز الزمن عن إخفائها ,
وهمست لنفسها بصوت مسموع: ها هي تجاعيد وجه جدتي التي تسكنها سنوني ,ها هي جدتي تقف أمامي الآن.
ارتعشت كفاها السمراوان حين لمستا قربتها الخاوية لِمَ لمْ ينبت في جوفي الاقحوان؟
لِم لَم تنفجر في جسدي الينابيع ؟
استجمعت قوتها وسخطها على حظها ,وقبحها , وتناولت سكينا حاداَ أولجته جسدها بطعنات متتالية
لم تخضع لجموح خوفها الواقف على باب صدرها
كان عظيما جدا .. بعظمة حزنها وقنوطها , شعرت بدمها يسيل على مساحات عجزت عن تقديرها , وانقلب بياضها احمراراً وسواد أيامها ليلكاً
تتراءى لها في مِرآتها الـتي يَكسوها الشُحوب بركاً من أوجاع كانت تَشتهي الخَلق كما تشتهي الموت الآن .
خليلها هَجر أحلامها وفِراشهما ( لأن أنانيته صورت له رغبته في دوام الحياة في أجساد أبنائه) .
وغيره كثيرون ارتووا من نهر أنوثتها وضَاجعوا أحلامها , ومَارسوا أشد أنواع القهر ورحلوا , وها هي الآن تهجر نفسها وتوغل في الرحيل.
اليسار