فن
"عصفور من حجر".. جدلية التعرية السينمائية
فيلم قصير لـ "حازم الحموي"
محمد القصير
السبت 04 نيسان 2009
لا يعرف كيف ينتقي اسماً.. اختار الضائع، الحجر، وأشياء متداخلة؟ فاستحق أن تتلقفه عين الكاميرا، كل من في "سلمية" يعرفه، يمازحه وهو القادم من "تركيا" عبر قطار إلى الساحة العامة، "أبو حجر" الذي قد تصادفه في أي شارع من شوارع "سلمية"، يدخن.. ويحمل عدة الشاي على خصره.. دون أن يأبه لوجود أحد حوله.. وكأنه الوحيد في هذا العالم،
لكن للفنان عين لا يرى بها غيره، فكان الفيلم التسجيلي "عصفور من حجر" وصاحب الرؤية المخرج "حازم الحموي" وبكاميرا HandyCam صنع فيلماً أثار جدلاً؟.
eSyria حضر الفيلم المذكور ضمن نشاط النادي السينمائي في "جمعية أصدقاء سلمية" وبعد نهاية العرض تم مناقشته بين الحضور، لتأتي هذه المناقشة متضاربة الرؤى حوله. وأول المتحدثين "سامر الضحاك" حيث أدلى برأيه قائلاً: «أعجبني الفيلم من الناحية الإخراجية، فحركة الكاميرا جاءت متناسقة مع الموضوع الذي تناوله الفيلم، اعتمد المخرج الكادر القريب، ربما له وجهة نظر، غير أن ذلك جعل من الفيلم عبارة عن سيرة ذاتية للشخصية التي تناولها، وباعتقادي إن وجود "أبو حجر" في معمل، أو معصرة زيتون ما هو إلا مشهد دخيل على الفيلم، وبعيد عن واقعية الشخصية ذاتها».
وتابع يقول: «وجدت أن "أبو حجر" كان أكثر طلاقة من الأشخاص الذين ظهروا في الفيلم باختيار من المخرج وبطريقة مرتبة مسبقاً، فكان يعبّر بحرية أكبر».
فيما تحدّث الدكتور الصيدلي "مرزا مرزا" عن الفيلم فقال: «اعتبر هذا الفيلم قطعة جميلة، أوافق "سامر" في انتقاده لمشهد المعمل، فلم تكن حميمية مع شخصية "أبو حجر"، ولكن السؤال الذي أطرحه: هل يريد المخرج
أبو حجر" شخصية الفيلم
أن يعري الأشخاص بأن كان "أبو حجر" أصدق من كل المتحدثين عنه؟ لقد أظهر الفيلم أن "أبو حجر" قادم من إرث موسوعي ثقافي، فطرح أسئلة من ضمن أجوبته».
وتابع: «استطاع المخرج من خلال شخصية "أبو حجر" تعريفنا بحالة إنسانية تعيش بيننا لكننا لا نعرف عنها الكثير»، وأصر على أن المخرج استطاع أن يوصل لنا هذه الشخصية.
الأستاذ "سمير جمول" يعارض فكرة المقارنة بين الإنسان والحيوان، ويقول: «شاهدنا أن المخرج وضع مقارنة بين موقف لأشخاص تخلوا عن ذويهم بطريقة بشعة وغير إنسانية، وجاء هذا على لسان إحدى الشخصيات التي تتحدث عن "أبو حجر"، في حين كان بطل الفيلم يتحدث عن عزوف الناس عن مساعدة فلاح سقط حمله من على ظهر حماره، فقام الحمار بما كان يجب أن يقوم به الإنسان. هذه المقارنة أرفضها في هذا الفيلم، فالحيوان غريزي التصرف، لكن الإنسان يتصرف بملء التفكير».
ويضيف مداخلته فيقول: «من الناحية الإخراجية، الفيلم جيد، بل ورائع، وأعتقد أنه أول فيلم عربي يتطرق لمثل هذه الشخصيات لتكون مادة رئيسية في فيلم لا يتحدث إلا عنه. والذين سبقوني قالوا إن المخرج انحاز لبطله وتبنى رأيه، وأنا أوافقهم
من أجواء مناقشة الفيلم
الرأي».
السيد "حسن جعفر" يعترض على بعض المشاهد، فيقول: «لا شك أن الفيلم يشدك في اللحظة الأولى، لكن يجب أن ننظر إليه بعيداً عن الحالة العاطفية التي قد تشدنا لبطل الفيلم، لأننا نشاهده في كل يوم، ولكن وجدت أن صعود "أبو حجر" إلى قلعة "شميميس" ما هو إلا إقحام أريدَ منه تأكيد انتماء البطل لمدينة بعينها، كان من الممكن أن يجعلها شخصية غير مؤطرة بمكان يبعدها عن شيوعها على العالم بشكل عام».
المخرج المسرحي "سليمان السلوم" يستشهد ببعض المواقف التي قام بها "أبو حجر" يناقض فيها كلام "حسن جعفر" حيث قال: «كثيراً ما شاهدت "أبو حجر" يذهب إلى القلعة، ومرة شاهدته برفقة "أحمد عبيد" ومعهم معدات "السيران" وكان مقصدهما القلعة».
ودخل "السلوم" في كلام العقل والنماذج التي حددها لذلك فقال: «هناك ثلاثة عقول ظهرت في الفيلم، عقل الرأي العام، وجسده الأشخاص الذين تحدثوا عن "أبو حجر"، وعقل وسيط، اختاره المخرج وهو "أبو حجر"، وأخيراً العقل المبدع، وتمثل بالمخرج الذي سلط الضوء على هذه الشخصية».
أما رأي الأستاذ "حسن القطريب" فكان مقتضباً وسريعاً، حيث قال: «هناك نماذج كثيرة من أمثال "أبو حجر"».
ويذكر في
"عصفور من حجر"
بطاقة الفيلم أنه بدعم من "المعهد العربي للفيلم"
ويبقى كلمة أخيرة تؤكد على ضرورة تفعيل دور السينما في تسليط الضوء على شخصيات تقبع في زوايا النسيان، رغم أنها تسير تحت الشمس، وتستقبل المطر كل وقت، ولعل أصدق ما جاء في هذا الفيلم "أبو حجر" والطفل الذي قال له: (إنت صرت رفيقنا، صاير عم تجي كتير ع حارتنا، مو هيك؟)
أبو حجر: (أممم) أي أنه وافق الطفل في رأيه ومحبته البريئة.
المقالات المتعلقة
منقول عن موقع اي حما للصحفي محمد القصير
"عصفور من حجر".. جدلية التعرية السينمائية
فيلم قصير لـ "حازم الحموي"
محمد القصير
السبت 04 نيسان 2009
لا يعرف كيف ينتقي اسماً.. اختار الضائع، الحجر، وأشياء متداخلة؟ فاستحق أن تتلقفه عين الكاميرا، كل من في "سلمية" يعرفه، يمازحه وهو القادم من "تركيا" عبر قطار إلى الساحة العامة، "أبو حجر" الذي قد تصادفه في أي شارع من شوارع "سلمية"، يدخن.. ويحمل عدة الشاي على خصره.. دون أن يأبه لوجود أحد حوله.. وكأنه الوحيد في هذا العالم،
لكن للفنان عين لا يرى بها غيره، فكان الفيلم التسجيلي "عصفور من حجر" وصاحب الرؤية المخرج "حازم الحموي" وبكاميرا HandyCam صنع فيلماً أثار جدلاً؟.
eSyria حضر الفيلم المذكور ضمن نشاط النادي السينمائي في "جمعية أصدقاء سلمية" وبعد نهاية العرض تم مناقشته بين الحضور، لتأتي هذه المناقشة متضاربة الرؤى حوله. وأول المتحدثين "سامر الضحاك" حيث أدلى برأيه قائلاً: «أعجبني الفيلم من الناحية الإخراجية، فحركة الكاميرا جاءت متناسقة مع الموضوع الذي تناوله الفيلم، اعتمد المخرج الكادر القريب، ربما له وجهة نظر، غير أن ذلك جعل من الفيلم عبارة عن سيرة ذاتية للشخصية التي تناولها، وباعتقادي إن وجود "أبو حجر" في معمل، أو معصرة زيتون ما هو إلا مشهد دخيل على الفيلم، وبعيد عن واقعية الشخصية ذاتها».
وتابع يقول: «وجدت أن "أبو حجر" كان أكثر طلاقة من الأشخاص الذين ظهروا في الفيلم باختيار من المخرج وبطريقة مرتبة مسبقاً، فكان يعبّر بحرية أكبر».
فيما تحدّث الدكتور الصيدلي "مرزا مرزا" عن الفيلم فقال: «اعتبر هذا الفيلم قطعة جميلة، أوافق "سامر" في انتقاده لمشهد المعمل، فلم تكن حميمية مع شخصية "أبو حجر"، ولكن السؤال الذي أطرحه: هل يريد المخرج
أبو حجر" شخصية الفيلم
أن يعري الأشخاص بأن كان "أبو حجر" أصدق من كل المتحدثين عنه؟ لقد أظهر الفيلم أن "أبو حجر" قادم من إرث موسوعي ثقافي، فطرح أسئلة من ضمن أجوبته».
وتابع: «استطاع المخرج من خلال شخصية "أبو حجر" تعريفنا بحالة إنسانية تعيش بيننا لكننا لا نعرف عنها الكثير»، وأصر على أن المخرج استطاع أن يوصل لنا هذه الشخصية.
الأستاذ "سمير جمول" يعارض فكرة المقارنة بين الإنسان والحيوان، ويقول: «شاهدنا أن المخرج وضع مقارنة بين موقف لأشخاص تخلوا عن ذويهم بطريقة بشعة وغير إنسانية، وجاء هذا على لسان إحدى الشخصيات التي تتحدث عن "أبو حجر"، في حين كان بطل الفيلم يتحدث عن عزوف الناس عن مساعدة فلاح سقط حمله من على ظهر حماره، فقام الحمار بما كان يجب أن يقوم به الإنسان. هذه المقارنة أرفضها في هذا الفيلم، فالحيوان غريزي التصرف، لكن الإنسان يتصرف بملء التفكير».
ويضيف مداخلته فيقول: «من الناحية الإخراجية، الفيلم جيد، بل ورائع، وأعتقد أنه أول فيلم عربي يتطرق لمثل هذه الشخصيات لتكون مادة رئيسية في فيلم لا يتحدث إلا عنه. والذين سبقوني قالوا إن المخرج انحاز لبطله وتبنى رأيه، وأنا أوافقهم
من أجواء مناقشة الفيلم
الرأي».
السيد "حسن جعفر" يعترض على بعض المشاهد، فيقول: «لا شك أن الفيلم يشدك في اللحظة الأولى، لكن يجب أن ننظر إليه بعيداً عن الحالة العاطفية التي قد تشدنا لبطل الفيلم، لأننا نشاهده في كل يوم، ولكن وجدت أن صعود "أبو حجر" إلى قلعة "شميميس" ما هو إلا إقحام أريدَ منه تأكيد انتماء البطل لمدينة بعينها، كان من الممكن أن يجعلها شخصية غير مؤطرة بمكان يبعدها عن شيوعها على العالم بشكل عام».
المخرج المسرحي "سليمان السلوم" يستشهد ببعض المواقف التي قام بها "أبو حجر" يناقض فيها كلام "حسن جعفر" حيث قال: «كثيراً ما شاهدت "أبو حجر" يذهب إلى القلعة، ومرة شاهدته برفقة "أحمد عبيد" ومعهم معدات "السيران" وكان مقصدهما القلعة».
ودخل "السلوم" في كلام العقل والنماذج التي حددها لذلك فقال: «هناك ثلاثة عقول ظهرت في الفيلم، عقل الرأي العام، وجسده الأشخاص الذين تحدثوا عن "أبو حجر"، وعقل وسيط، اختاره المخرج وهو "أبو حجر"، وأخيراً العقل المبدع، وتمثل بالمخرج الذي سلط الضوء على هذه الشخصية».
أما رأي الأستاذ "حسن القطريب" فكان مقتضباً وسريعاً، حيث قال: «هناك نماذج كثيرة من أمثال "أبو حجر"».
ويذكر في
"عصفور من حجر"
بطاقة الفيلم أنه بدعم من "المعهد العربي للفيلم"
ويبقى كلمة أخيرة تؤكد على ضرورة تفعيل دور السينما في تسليط الضوء على شخصيات تقبع في زوايا النسيان، رغم أنها تسير تحت الشمس، وتستقبل المطر كل وقت، ولعل أصدق ما جاء في هذا الفيلم "أبو حجر" والطفل الذي قال له: (إنت صرت رفيقنا، صاير عم تجي كتير ع حارتنا، مو هيك؟)
أبو حجر: (أممم) أي أنه وافق الطفل في رأيه ومحبته البريئة.
المقالات المتعلقة
منقول عن موقع اي حما للصحفي محمد القصير