مراحب للجميع..
اسمحوا لي أن أنقل إليكم هذه القصة المدونة أدناه نقلا عن أحد المواقع الالكترونية وهي لأحد الزملاء المحامين أعجبتني ...وأتمنى أن تنال إعجابكم:
في صباح الأول من نيسان قرأت في جميع الصحف الرسمية والنشرات الإليكترونية خبر تخفيض سعر ليتر المازوت خمسة ليرات سورية بالتمام والكمال، وفي اللحظة الأولى لم أصدق الخبر واعتبرته يندرج تحت كذبة نيسان، ولكنني استغرب الاتفاق بين هذا الكم الهائل من الإعلام المقروء لنشر مثل هذا الخبر، وكانت الساعة تشير إلى الساعة السادسة من صباح يوم لأربعاء في الأول من نيسان، فقد اعتدت قراءة الصحف والنشرات الإليكترونية قبل صياح الديك عن طريق الإنترنت وقبل أن تباع في الأسواق.
وذهبت لممارسة رياضة المشي في حديقة الجاحظ مع بعض الأصدقاء المتقاعدين فتأكدت من أن الخبر ليس كذبة نيسان، فتذكرت حكاية قديمة سمعتها من والدي (رحمه الله ورحم أمواتكم) عندما كنت شاباً في بداية عمر المراهقة، رواها لي عن ضيق حال المواطنين وقبولهم بما ترتئيه الحكومة.
تماسكت كثيراً وشعرت بضيق النفس لأن ذكرى تلك الحكاية مؤلمة ولهذا تأخرت في كتابتها، ومع مرور ما يقارب الأسبوع خفت من أن تفقع مرارتي إذا لم أشارك القارئ معي فيها، فقررت، حفاظاً على المرارة التي كنت قد استأصلتها منذ ما يزيد على ثلاثة سنوات، أن أروي لكم، قرائي الأعزاء، حكاية الفلاح والحمار والبقرة والعنزة والخمس ليرات التي تكرمت فيها الحكومة وخفضت سعر ليتر المازوت:
يُحْكي أن فلاحاً فقيراً يعيش مع أسرته المكونة من زوجته وأربعة أطفال في كوخٍ صغير مكون من غرفة صغيرة، وقد بنا إلى جانبها زريبة تضيق بحيواناته، الحمار والبقرة والعنزة.
اشتكى هذا الفلاح إلى جاره، الذي يعيش مثله ولكنه لا يملك زريبة وإنما حقل مساحته لا تزيد على مائتي متر، من ضيق الحال في كوخه، فنصحه بأن يجعل الحمار ينام مع أسرته فيه.
بعد عدة أيام عاد الفلاح إلى شكواه وطلب من جاره النصح، فقال له أدخل البقرة لتنام أيضاً معكم في الكوخ.
زاد حزن وتألم الفلاح من ضيق حاله وصعوبة تنفسه فعاد ليطلب النصح من جاره، فما كان من الجار إلا أن نصحه بأن يبيت مع حيواناته وأسرته في كوخه الصغير، فأدخل الفلاح العنزة لتنام أيضاً مع أسرته إلى جنب الحمار والبقرة.
وفي صباح اليوم التالي ضاق صدر الفلاح من نصائح جاره وقرر مخاصمته وعدم الحديث معه. إلا أن الجار لم يتركه وإنما جاءه ليخفف عنه مصيبته، فما كان من الفلاح إلا أن صرخ في وجهه معاتباً ووجهه يشع بالشرر والشر، وبعد أن هدأت ثورته، قال له جاره أخرج العنزة من كوخك.
سمِع الفلاح نصيحة جاره وأعاد العنزة إلى الزريبة.
وفي اليوم التالي عاد الجار ليطمئن على الفلاح، فوجده أقل هماً من اليوم السابق، ولكنه عاد إلى شكواه من ضيق الكوخ على أسرته والبقرة والحمار.
فنصح الجار الفلاح وقال له أخرج البقرة من الكوخ فستشعر براحة أكثر.
تحسنت أوضاع الفلاح ولكنه بقيَ مكتئباً من ضيق الكوخ على أسرته والحمار الذي ينام معهم.
قرر زيارة جاره ليأخذ منه نصيحة جديدة قد تساعده على توسيع حالة كوخه الضيِّق.
لم يتأخر الجار من تقديم النصح لهذا الفلاح البائس وقال له أخرج الحمار من كوخك.
وفي صباح اليوم التالي انفرجت أسارير الفلاح فقد نام مع أسرته مرتاحاً في تلك الليلة، ولهذا أخذ معه حليب معزته ليقدمه هدية وعرفاناً بالجميل وتعبيراً عن الشكر إلى جاره.
فقال له جاره عليك أن ترضَ بما هو مقسوم لكَ من هذه الدنيا.
وحتى تنتهي الحكاية نضيف عليها بأن الحكومة الرشيدة بتخفيضها سعر ليتر المازوت بخمسة قامت بإخراج العنزة فقط، ولكن ما زال يكبس على جيوب المواطنين البقرة والحمار وندعو الله أن يبعث لها بجار عزيز حتى تتكرم على المواطنين كي يتمكنوا من إخراج البقرة والحمار ويعودوا إلى بيوتهم الصغيرة وضيق الحال التي سبقت رفع أسعار أولاً البنزين وبعدها المازوت، حتى نرضى بما هو مقسوم لنا وعلينا، والله الموفق.
منقولة كما هي....