... وكأن منتظراً الزيدي وحكاية فردتي حذائه أخطر على أمن الحكومة العراقية الخضراء وصديقها الراحل جورج بوش غير المأسوف على رئاسته، من صدام حسين، وجماعته الواردة صورهم على ورق (الشدّة)، ذلك لإجراء جلسات محاكمته على نحو سري، بينما أتحفتنا هذه الحكومة بنقل مشاهد من محاكمة صدام وجماعته على شاشات الفضائيات على نحو لا يقل شفافية عن مشاهد المحاكمات في الأفلام المصرية.
استناداً إلى كتب التاريخ التي تقول إن لكل حادثة أسباباً مباشرة وأسباباً غير مباشرة، أقول أنا العبد الفقير إن السبب المباشر لتوقيت حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على مليون ونصف مليون فلسطيني محشورين في مساحة ثلاثمئة وستين كيلو متراً مربعاً، وهي المساحة الأكثف سكاناً في العالم، لا يقتصر على إطلاق مئات الصواريخ البدائية على المستوطنات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة التي لم تذهب بأرواح أكثر من خمسة إسرائيليين على حد علمي، بل يشارك في الأسباب حذاء منتظر الزيدي... ففي غمرة الاحتفالات ومشاعر الفرح التي عمت معظم شعوب العالم احتفاء بالبهدلة المعتبرة التي انتهت بها سنوات بوش الثماني، وحملات التضامن مع الصحفي البطل الذي حمل روحه على راحته وألقى بها في مهاوي الردى، شنت إسرائيل حربها المدمرة على غزة لنصرة حبيب قلبها بوش، وتخفيف العبء النفسي عنه، بإحلال مناظر أشلاء أطفال غزة بدلاً من مشهد فردتي حذاء الزيدي الطائرتين صوب رأس جورج بوش، فنسي العالم منتظراً الزيدي، وحكاية حذائه، أمام هول الجرائم التي ارتكبها بنو صهيون، إلى أن صدر في حقه الحكم بالسجن لثلاث سنوات. هذا الحكم الذي لم يكن بوسع أحد منا يستطيع تخمين طبيعته، ولو أننا كنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يكون شديد القسوة، فالمحكمة في بلد محتل، المدعي فيها هو المحتل نفسه، أو هو رأس الاحتلال بالذات، وأعوانه المجنسون.. ناهيكم بأهمية الحدث الذي جعل من الرمي بالأحذية، المترافق بالشتائم الرفيعة المستوى التي من هذا القبيل: (هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي يا كلب) موضة عالمية...فلو سألت أي عابر سبيل عن الوسائل الأكثر بلاغة في الاحتجاج في هذه الأيام لأجابك على الفور: الرمي بالأحذية.
قد يقول البعض إن ثمة من رمى فردة حذاء صوب رئيس وزراء الصين عند زيارته لإحدى الجامعات البريطانية مؤخراً، وخرج من القاعة، وكأن شيئاً لم يحدث... ومن رمى فردة حذاء صوب سيارة سلام فياض رئيس وزراء محمود عباس وهي تعبر أحد شوارع مدن الضفة الغربية ولم يعترض طريقه أحد...ومن رمى سيارة أحمدي نجاد رئيس إيران وهو يقوم بحملته الانتخابية في إحدى المدن الإيرانية دون أن يحبسه أحد...ومن رمى السفير الإسرائيلي بعشرات الفردات في إحدى جامعات النرويج، فترك السفير الجامعة والقاعة وهرب...إلخ.
صحيح أن مثل هؤلاء لم يعرضوا على أية محكمة خلافاً لمنتظر الزيدي، ولم يسجنهم أحد، لكن مشكلتهم تختلف عن مشكلة الزيدي، فهو صاحب النسخة الأصلية وهم مقلدون، أي أنه هو الذي استن هذه السنة وله ثوابها إلى أن تقوم الساعة، وفق الحديث الشريف...وثانياً الحالات المذكورة جرت في بلدان مستقلة بينما حضرة الزيدي اعتدى على ولي نعمة الذين يحاكمونه، لهذا احترقت قلوبهم على ولي النعمة هذا الذي أرسلهم لحكم العراق مع جيشه المحتل، وحوّلوا الجاني إلى محكمة الجنايات التي تحاكم رموز النظام السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، بينما جريمة الزيدي تندرج تحت القدح والذم ولا تستأهل أكثر من محكمة صلح أو محكمة بداية في أسوأ الأحوال.
منتظر الزيدي جزء مهم من ضمير الشعب العراقي أولاً، والعربي ثانياً، والعالمي ثالثاً...ولو كان المنطق يحكم لأصبح في وضع المدعي لا المدعى عليه، وأعتقد جازماً أنه لو جرت انتخابات رئاسية في العراق الآن وكان مرشحاً لها لفاز على كل هذه الأشكال من الزعماء من أصحاب الوجوه الكالحة الذين يحكمون بلده في هذه الأيام.
تاج الدين الموسى
استناداً إلى كتب التاريخ التي تقول إن لكل حادثة أسباباً مباشرة وأسباباً غير مباشرة، أقول أنا العبد الفقير إن السبب المباشر لتوقيت حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على مليون ونصف مليون فلسطيني محشورين في مساحة ثلاثمئة وستين كيلو متراً مربعاً، وهي المساحة الأكثف سكاناً في العالم، لا يقتصر على إطلاق مئات الصواريخ البدائية على المستوطنات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة التي لم تذهب بأرواح أكثر من خمسة إسرائيليين على حد علمي، بل يشارك في الأسباب حذاء منتظر الزيدي... ففي غمرة الاحتفالات ومشاعر الفرح التي عمت معظم شعوب العالم احتفاء بالبهدلة المعتبرة التي انتهت بها سنوات بوش الثماني، وحملات التضامن مع الصحفي البطل الذي حمل روحه على راحته وألقى بها في مهاوي الردى، شنت إسرائيل حربها المدمرة على غزة لنصرة حبيب قلبها بوش، وتخفيف العبء النفسي عنه، بإحلال مناظر أشلاء أطفال غزة بدلاً من مشهد فردتي حذاء الزيدي الطائرتين صوب رأس جورج بوش، فنسي العالم منتظراً الزيدي، وحكاية حذائه، أمام هول الجرائم التي ارتكبها بنو صهيون، إلى أن صدر في حقه الحكم بالسجن لثلاث سنوات. هذا الحكم الذي لم يكن بوسع أحد منا يستطيع تخمين طبيعته، ولو أننا كنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يكون شديد القسوة، فالمحكمة في بلد محتل، المدعي فيها هو المحتل نفسه، أو هو رأس الاحتلال بالذات، وأعوانه المجنسون.. ناهيكم بأهمية الحدث الذي جعل من الرمي بالأحذية، المترافق بالشتائم الرفيعة المستوى التي من هذا القبيل: (هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي يا كلب) موضة عالمية...فلو سألت أي عابر سبيل عن الوسائل الأكثر بلاغة في الاحتجاج في هذه الأيام لأجابك على الفور: الرمي بالأحذية.
قد يقول البعض إن ثمة من رمى فردة حذاء صوب رئيس وزراء الصين عند زيارته لإحدى الجامعات البريطانية مؤخراً، وخرج من القاعة، وكأن شيئاً لم يحدث... ومن رمى فردة حذاء صوب سيارة سلام فياض رئيس وزراء محمود عباس وهي تعبر أحد شوارع مدن الضفة الغربية ولم يعترض طريقه أحد...ومن رمى سيارة أحمدي نجاد رئيس إيران وهو يقوم بحملته الانتخابية في إحدى المدن الإيرانية دون أن يحبسه أحد...ومن رمى السفير الإسرائيلي بعشرات الفردات في إحدى جامعات النرويج، فترك السفير الجامعة والقاعة وهرب...إلخ.
صحيح أن مثل هؤلاء لم يعرضوا على أية محكمة خلافاً لمنتظر الزيدي، ولم يسجنهم أحد، لكن مشكلتهم تختلف عن مشكلة الزيدي، فهو صاحب النسخة الأصلية وهم مقلدون، أي أنه هو الذي استن هذه السنة وله ثوابها إلى أن تقوم الساعة، وفق الحديث الشريف...وثانياً الحالات المذكورة جرت في بلدان مستقلة بينما حضرة الزيدي اعتدى على ولي نعمة الذين يحاكمونه، لهذا احترقت قلوبهم على ولي النعمة هذا الذي أرسلهم لحكم العراق مع جيشه المحتل، وحوّلوا الجاني إلى محكمة الجنايات التي تحاكم رموز النظام السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، بينما جريمة الزيدي تندرج تحت القدح والذم ولا تستأهل أكثر من محكمة صلح أو محكمة بداية في أسوأ الأحوال.
منتظر الزيدي جزء مهم من ضمير الشعب العراقي أولاً، والعربي ثانياً، والعالمي ثالثاً...ولو كان المنطق يحكم لأصبح في وضع المدعي لا المدعى عليه، وأعتقد جازماً أنه لو جرت انتخابات رئاسية في العراق الآن وكان مرشحاً لها لفاز على كل هذه الأشكال من الزعماء من أصحاب الوجوه الكالحة الذين يحكمون بلده في هذه الأيام.
تاج الدين الموسى