كومجي الأحلام في بلدة الأتارب
خطيب بدلة
التقيت بصديقي العزيز أبي النور في دكان مصلح الدواليب الذي يسميه أهل الشام "البنشرجي"، وفي يوم من الأيام أسماه الكاتب المتميز حسن م يوسف "كومجي الأحلام". كان غاضباً يتشاجر مع ذباب وجهه، فما إن قلت له "مرحبا" حتى قال لي:
- يا أخي غريب أمر بلدية الأتارب ورئيس بلدية الأتارب. هل تعلم أن أكثر من مئة ألف نسمة يمرون من الأتارب على نحو إجباري يومياً ليصلوا إلى بيوتهم في الجينة وإبين وحزانو وكللي والكفر واليحمول ومعرتمصرين ورامحمدان وزردنا وباتبو؟ وبمجرد ما يخرجون من الأتارب يراجعون أقرب (كومجي) لأن الطريق الذي كان مزفتاً ثم كشطوه قبل ثلاثة أشهر قد تحول إلى أثلام جارحة قادرة على بعج أكبر دولاب. وهو طريق قصير لا يحتاج إنجازه إلى كل هذا الزمن.
قلت له: أولاً، أنا قلت لك مرحبا، وكان حرياً بك أن تقول مرحبتين ونصف، وثانياً، أنا أعرف بقصة هذا الطريق من زمان، فأكثر من واحد حكى عنه بحضوري، وثالثاً يجب أن يكون الواحد مثلك مستعداً لأن يأخذ الأمور بالعقل! فتزفيت الطريق، أي طريق، يمر بثلاثة مراحل، الكشط، ثم الرصف، ثم التزفيت. وهذا يعني أن رئيس بلدية الأتارب أنجز- مشكوراً- ثلث عملية التزفيت دفعة واحدة! فإذا أنجز الثلث الثاني (أي الرصف) بعد ثلاثة أشهر أخرى، والثلث الثالث (التزفيت النهائي) بعد ستة أشهر لاحقة، تكون العملية كلها لم تتجاوز السنة والنصف!! هذا عدا عن الفوائد الأخرى المرجوة من عمل صعب ومعقد كتزفيت هذه المسافة التي تراها أنت قصيرة.
هم أبو النور بتنتيف شعره وقال لي:
- فوائد؟ عن أية فوائد تتحدث؟
قلت: هي كثيرة، فالناس الذين يخافون على دواليب سيارتهم من الفري، ويخافون على راصوراتها من التخلع بسبب الطجطجة، سيحيدون عن الأتارب ويسلكون طرقات أخرى، فمنهم من يذهب إلى قريته عن طريق باب الهوى، ومنهم من يذهب إلى إدلب، يتناول قرص شعيبيات بالقشطة، ثم يتابع إلى قريته. صحيح أن كل واحد منهم يقطع أكثر من خمسين كيلومتراً زيادة عن المطلوب، ولكنه بذلك يقوم بسياحة داخلية ويتعرف على بلاده، وإدلب التي يشكو أهلها من أنها منعزلة وضيقة سيرتفع معدل المرور فيها، وتنكسر عزلتها، إضافة إلى تحريك الجو الاقتصادي وانتعاش المهن الحرة وعلى رأسها مهنة (الكومجة) أو (البنشرة).
كل هذا وأنت زعلان يا سيد أبو النور؟!
خطيب بدلة
التقيت بصديقي العزيز أبي النور في دكان مصلح الدواليب الذي يسميه أهل الشام "البنشرجي"، وفي يوم من الأيام أسماه الكاتب المتميز حسن م يوسف "كومجي الأحلام". كان غاضباً يتشاجر مع ذباب وجهه، فما إن قلت له "مرحبا" حتى قال لي:
- يا أخي غريب أمر بلدية الأتارب ورئيس بلدية الأتارب. هل تعلم أن أكثر من مئة ألف نسمة يمرون من الأتارب على نحو إجباري يومياً ليصلوا إلى بيوتهم في الجينة وإبين وحزانو وكللي والكفر واليحمول ومعرتمصرين ورامحمدان وزردنا وباتبو؟ وبمجرد ما يخرجون من الأتارب يراجعون أقرب (كومجي) لأن الطريق الذي كان مزفتاً ثم كشطوه قبل ثلاثة أشهر قد تحول إلى أثلام جارحة قادرة على بعج أكبر دولاب. وهو طريق قصير لا يحتاج إنجازه إلى كل هذا الزمن.
قلت له: أولاً، أنا قلت لك مرحبا، وكان حرياً بك أن تقول مرحبتين ونصف، وثانياً، أنا أعرف بقصة هذا الطريق من زمان، فأكثر من واحد حكى عنه بحضوري، وثالثاً يجب أن يكون الواحد مثلك مستعداً لأن يأخذ الأمور بالعقل! فتزفيت الطريق، أي طريق، يمر بثلاثة مراحل، الكشط، ثم الرصف، ثم التزفيت. وهذا يعني أن رئيس بلدية الأتارب أنجز- مشكوراً- ثلث عملية التزفيت دفعة واحدة! فإذا أنجز الثلث الثاني (أي الرصف) بعد ثلاثة أشهر أخرى، والثلث الثالث (التزفيت النهائي) بعد ستة أشهر لاحقة، تكون العملية كلها لم تتجاوز السنة والنصف!! هذا عدا عن الفوائد الأخرى المرجوة من عمل صعب ومعقد كتزفيت هذه المسافة التي تراها أنت قصيرة.
هم أبو النور بتنتيف شعره وقال لي:
- فوائد؟ عن أية فوائد تتحدث؟
قلت: هي كثيرة، فالناس الذين يخافون على دواليب سيارتهم من الفري، ويخافون على راصوراتها من التخلع بسبب الطجطجة، سيحيدون عن الأتارب ويسلكون طرقات أخرى، فمنهم من يذهب إلى قريته عن طريق باب الهوى، ومنهم من يذهب إلى إدلب، يتناول قرص شعيبيات بالقشطة، ثم يتابع إلى قريته. صحيح أن كل واحد منهم يقطع أكثر من خمسين كيلومتراً زيادة عن المطلوب، ولكنه بذلك يقوم بسياحة داخلية ويتعرف على بلاده، وإدلب التي يشكو أهلها من أنها منعزلة وضيقة سيرتفع معدل المرور فيها، وتنكسر عزلتها، إضافة إلى تحريك الجو الاقتصادي وانتعاش المهن الحرة وعلى رأسها مهنة (الكومجة) أو (البنشرة).
كل هذا وأنت زعلان يا سيد أبو النور؟!