تتراءى أمامي
شجرة يابسة
تبكي آخر وريقاتها الساقطة
صفراء
جثة هامدة
تلعب بها ريح
وبين الغفوة والصحو
شعرة بلون المشيب
تشهد على رحيل العمر
على شاهدة قبر
- شامُ – أحببت فيها الياسمين
وفي الأفق المرمري الأسمر
تلوح نجمة من بنفسج حزين
أقطف النعناع للشاي
بعد القيلولة الأخيرة
ليجتاحني رماد التذكر
الجاف
قضمة مرّة
وأخرى مالحة
يلسعني النسيم بسوط حارّ
كأم ،
في أول صباح عزاء وحيدها
تنحسر الذكريات عن شطآني
بارد ،
ثمل ..
كئيب..
تجز الروح مقصلة
ليكتمل العريّ
وأكون منارة وحيدة
معتمة
تبحث عن سبيل
وعند هامش السطر
أتوقف ،
حصناً عتيقاً مهملاً
يتوجس قيحاً
وجرحاً لا يعرف دمه التخثر
تتجمد الخلايا
تئنّ
على رصيف من صقيع
وغربة
وألم
وبعض الصبر
فلا أم
لا أب
لا امرأة
لا بنت
لا ولد
لا صديق
لا وطن ...
الجرح مفتوح إلا للنسيان
وقامة حصالتي الفارغة
محطمة
ضيعت بوصلة الغريب
وبات القلب حجراً
والجيب فارغاً
مترفاً
ضيق
التبغ يحترق ...
تتراقص الجمرة
على جدث كلماتي التافهة
وفي غبار الطريق
رأيت نفسي
هذي حدودي
حدود المعاق ، التالف
الــ لا نفع فيه
كللت
مللت ، انحدار الماء
وانصياعي !!
للنعناع تخريب لمرّ الشاي
بعد الرشفة الأولى
بوح سخيُّ
وبعد الثانية ..
احتراق تبغٍ
والثالثة...
حلم شاذ يأتينا على مائدة الليل
كريم ،
كريه ،
يغتصب غفوتنا
ويحتل عزلة الروح عن الجسد
يقظ أنا ..
مهزوم ،
كاختلاط القهوة بالسكر..
ومرافقة الزبد للموج ..
مكسورُ أنا ،،
تخذلني رجولتي مع فتاة الليل
الأخيرة ..
وفي آخر عناق للفراغ ..
حطمت فنجاني
وصحت،
هذي حدودي
حدود العجز والكلمات
حدود الحلم والرغبات
حدود الذل والخيبات
تسبق الألف النون ..
ويشح الزمان ..
فلا لغة تدرك هدير الموج
ولا تقويم يبوّب تصاوير
الهزيع الأخير
على شرفات الروح
وفي أعمق أعماقي
يختلط البياض بالسواد
فأنتثر...
رقما..
حرفا ..
يغطيني الرماد
أجثو على ضفة العقل
معمياً
مذهولاً
لا حياً !!
وفي جرار الريح
أصرخ
هذي حدودي
حدود ظلي البائس
ومن بعدي لن يرتاح ظل
نحيلاً مثل أيامي
أرفع راية بيضاء
أمزق كل أعلامي
وأعلنها بملء الكون
لقد حطمت أقلامي
فــ بعدكِ ..
يا سمار الأرض
لمن أكتب تفاصيلي
لمن أنسج عشوش الحب
لمن أنحت تماثيلي
لمن أرصد أغاني الدوح
لمن أغفو
لمن أصحو
لمن بالله قولي لي !!
فــ بعدكِ
لا تدور الأرض
فلا بحر ولا غدران
ولا توق يهز النفس
ولا معنى من الهذيان
أعود لكرسيي الخشبي
أهدهد حظي العاثر
على أشلاء أغنية
أبكي زماني الغابر
على أعتاب قصتنا
نامت ظلال الياسمين
فأنفضها وأنبشها
أشق الصمت بالسكين
أزلزل كون بنياني
وأفتح قلبي للريح
أنا مرة أخرى
وأصرخ في أذن الوقت
هذي حدودي
هذي حدودي
حدود الهارب الجاني
هذي حدودي
هذي حدودي
حدود العاجز الفاني..