صديقي العزيز : لقد وجدت هذا الموضوع في جريدة إيلاف الألكترونية , وأعتقد أنه يهمك , لذا قمت بإرساله إليك , أرجو أن يعجبك
بين الموضة والخلاعة.. شعرة.. هل انقطعت؟
نسرين عجب من بيروت : "الملكة رانيا فازت بلقب أكثر نساء العالم أناقة سنة 2003، وكل ملابسها محتشمة. جميل وضروري أن يكون الانسان أنيقاً ولكن هناك فرق شاسع بين الأناقة والخلاعة التي تجتاح مجتمعنا حالياً". جملة قالها الدكتور سامي مكارم، الأستاذ المحاضر في الجامعة الاميركية، في احدى ندواته واستوقفت الكثير من الحاضرين، وهي تطرح تساؤلاً جوهوياً: الى اي مدى أدى الانقياد خلف الموضة الى تخطي القيم، وهل أصبح المجتمع يعاني الخلاعة؟؟
ما هي الخلاعة؟ أول ما يتبادر الى ذهن دجى (25 عاماً) الخلاعة في الملابس سواء عند الفتيان أو الفتيات، وثاني شيء تفكر به تصرفات الشباب التي لا تستطيع أن تفسرّها اذ تشعر أنه لا قيمة عندهم للحياة، وجلّ ما يهتمون به كيف سيسهرون ويتمتعون بأوقاتهم!! وتعيد ذلك الى سبب من اثنين اما الكبت أو المشاكل النفسية، محمّلة الأهل والمجتمع مسؤولية ما يحصل، من دون أن تغيّب التأثير الكبير لدور الاعلام "لأن الجيل الجديد يقلّد كل شيء يراه عبر الشاشة الصغيرة". وتبدي حيرتها مما يحصل بالشباب اللبناني، اذ من جهة تلمس أنه من أكثر الشباب علماً وثقافة، ومن جهة أخرى، تجده تابعاً بطريقة تفكيره وتصرفاته لنمط الحياة الغربي.
يُعرف عن الشباب اللبناني أنه منفتح ومتحرر، وتطغى صورة نمطية في المحيط الضيق أنه متفلت من القيود والأخلاقيات. ومع أن معظم الشباب العربي ينظر الى الشباب اللبناني بعين الغيرة على اعتبار أنه يعيش في جنة الحريات، الا أنه يوجه له الانتقادات اللاذعة التي تخرج في بعض الاحيان عن حدود المنطق لتصبح تعميمات جائرة على شعب بأكمله.
أين لبنان من حقيقة هذه الصورة؟ وكيف يقرأ الشباب اللبناني الواقع؟
الحق يعلو ولا يعلى عليه، والحق ان من يراقب الواقع اللبناني يلاحظ أن طفرة غريبة تجتاح المجتمع بشكل رهيب، اذ ان شريحة كبيرة من هذا المجتمع خلعت ثوب القيم وانساقت خلف ما تدعي انه تحضّر لتمارس الكثير من الشواذات تحت اسم الحرية، وعلى حد قول مدام رولاند: "أيتها الحرية.. كم من الجرائم تقترف باسمك؟
أسباب هذه الصورة النمطية كثيرة، ولا تتوقف عند الخلاعة التي تمارس في الوسط الفني وعلى شاشات التلفزة والتي أفرغت الفن من مضمونه، لدرجة أن الكثير من الفنانين صرّحوا مراراً أنهم فضّلوا الابتعاد لأن الواقع الفني أصبح مخجلاً، وكأهل لا يسمحون لأولادهم بمشاهدة الكثير من المحطات التي تحوّل فيها الانتاج الفني الى تفقيس آلي، كل يوم فتاة جديدة تغني وهي داخلة الى الدوش أو خارجة منه، عدا عن الايحاءات والحركات التي أقل ما يقال فيها أنها مبتذلة.
ومع الوقت بدأ الواقع الاجتماعي يتحول الى مرآة للواقع الفني، وبدأت الخلاعة تتحول الى نمط عيش يفرض نفسه بالقوة. وفي هذا الصدد، تقول رندة (27 عاماً) ان الخلاعة أصبحت جزء لا يتجزأ من المجتمع، وتحوّل التأشير بالأيدي الى الفتاة المحترمة على اعتبار أن زمن المحافظة ولّى، والخلاعة هي نوع من أنواع التحضر والانفتاح.
وتلفت الى أن هناك أشياء كثيرة تدعم هذا النظرة، أهمها الاعلام الذي أخرج الأمر من حدود الظاهرة وكرّسه كواقع وصورة للمجتمع اللبناني التي تتعزز على هذا الاساس. ويشاطرها الرأي عمر (30 عاماً) الذي يعتقد أنه مع الوقت سوف يقتنع ان الخلاعة هي الصح. ويبدي صدمته من التحولات التي طرأت على المجتمع اللبناني والخلاعة التي اقتحمته "يقلّدون الغرب ولكنهم تخطوه بأشواط، أنا عشت في أميركا ولكن الخلاعة في لبنان أكثر بمليون مرة من أميركا".
ويعلّق شادي (27 عاماً) الذي يعمل في ملهى ليلي: "أصبحت الخلاعة جزءاً من تراثنا السياحي، نلتقط الموضة من الغرب لتتحول عندنا الى خلاعة، وأكبر مؤشر على ذلك ازدحام الملاهي الليليلة برواد يستبيحون كل شيء بعد أن أسقطوا كل المحرمات". ويشير الى أن الفن يلعب دوراً كبيراً في الترويج للخلاعة، وبتهكم يسأل: "هل ينجح فيديو كليب من دون فتيات يرقصن بشبه ملابس مع ايحاءات وايحاءات؟"
يفسّر وليد (29 عاماً) هذه الظاهرة بأن بعض الأشخاص يسيئون استخدام الحرية فيما البعض الآخر يستخدمها بطريقة مسؤولة، والمسألة متعلقة بثقافتهم ووعيهم. ويعتبر أن ما يحصل طبيعي جداً وهو نسبي نظراً لارتباطه بالمحيط والمجتمعات والمؤثرات الخارجية. وبالنسبة اليه، لكل انسان حرية التصرف كما يشاء شرط الا تؤذي حرية الآخرين، والافضل أن يصل المجتمع الى مرحلة يقرر أفراده ماذا يريدون بعد التجربة.
وعن سؤال اذا كان يتزوج من فتاة تتصرف بطريقة خلاعية، يجيب: "ليس من الضروري أن أكون ضدها اذا لم أتزوجها، فأنا سأتزوج الفتاة التي تناسب تفكيري، وما يهمني مضمونها وليس خارجيتها". الا أنه يبدو واضحاً أنه سيتدخل بطريقة لبسها وتصرفاتها وان كان يؤكد عدم فرض رأيه عليها.
في المحصلة، قد تكون موجة الموضة اجتاحت المجتمع اللبناني وجلبت ما جلبت معها من التحولات السلبية في نمط العيش، ولكن ذلك لا يعني أن الصورة واحدة في كل المجتمع، فكما هناك منساقون في هذه الموجة، هناك معارضون لها... لذا من المجحف التعميم. ولكن ذلك لا يعني التغاضي عما يحصل، فمن العبث أن يكون المرء كالنعامة يخفي رأسه تحت التراب ظناً منه أن لا أحد يراه.. هناك مشكلة ويجب معالجتها قبل أن تستفحل أكثر، وقد يكون الاعلام مطالباً أكثر من غيره لحلها.
بين الموضة والخلاعة.. شعرة.. هل انقطعت؟
نسرين عجب من بيروت : "الملكة رانيا فازت بلقب أكثر نساء العالم أناقة سنة 2003، وكل ملابسها محتشمة. جميل وضروري أن يكون الانسان أنيقاً ولكن هناك فرق شاسع بين الأناقة والخلاعة التي تجتاح مجتمعنا حالياً". جملة قالها الدكتور سامي مكارم، الأستاذ المحاضر في الجامعة الاميركية، في احدى ندواته واستوقفت الكثير من الحاضرين، وهي تطرح تساؤلاً جوهوياً: الى اي مدى أدى الانقياد خلف الموضة الى تخطي القيم، وهل أصبح المجتمع يعاني الخلاعة؟؟
ما هي الخلاعة؟ أول ما يتبادر الى ذهن دجى (25 عاماً) الخلاعة في الملابس سواء عند الفتيان أو الفتيات، وثاني شيء تفكر به تصرفات الشباب التي لا تستطيع أن تفسرّها اذ تشعر أنه لا قيمة عندهم للحياة، وجلّ ما يهتمون به كيف سيسهرون ويتمتعون بأوقاتهم!! وتعيد ذلك الى سبب من اثنين اما الكبت أو المشاكل النفسية، محمّلة الأهل والمجتمع مسؤولية ما يحصل، من دون أن تغيّب التأثير الكبير لدور الاعلام "لأن الجيل الجديد يقلّد كل شيء يراه عبر الشاشة الصغيرة". وتبدي حيرتها مما يحصل بالشباب اللبناني، اذ من جهة تلمس أنه من أكثر الشباب علماً وثقافة، ومن جهة أخرى، تجده تابعاً بطريقة تفكيره وتصرفاته لنمط الحياة الغربي.
يُعرف عن الشباب اللبناني أنه منفتح ومتحرر، وتطغى صورة نمطية في المحيط الضيق أنه متفلت من القيود والأخلاقيات. ومع أن معظم الشباب العربي ينظر الى الشباب اللبناني بعين الغيرة على اعتبار أنه يعيش في جنة الحريات، الا أنه يوجه له الانتقادات اللاذعة التي تخرج في بعض الاحيان عن حدود المنطق لتصبح تعميمات جائرة على شعب بأكمله.
أين لبنان من حقيقة هذه الصورة؟ وكيف يقرأ الشباب اللبناني الواقع؟
الحق يعلو ولا يعلى عليه، والحق ان من يراقب الواقع اللبناني يلاحظ أن طفرة غريبة تجتاح المجتمع بشكل رهيب، اذ ان شريحة كبيرة من هذا المجتمع خلعت ثوب القيم وانساقت خلف ما تدعي انه تحضّر لتمارس الكثير من الشواذات تحت اسم الحرية، وعلى حد قول مدام رولاند: "أيتها الحرية.. كم من الجرائم تقترف باسمك؟
أسباب هذه الصورة النمطية كثيرة، ولا تتوقف عند الخلاعة التي تمارس في الوسط الفني وعلى شاشات التلفزة والتي أفرغت الفن من مضمونه، لدرجة أن الكثير من الفنانين صرّحوا مراراً أنهم فضّلوا الابتعاد لأن الواقع الفني أصبح مخجلاً، وكأهل لا يسمحون لأولادهم بمشاهدة الكثير من المحطات التي تحوّل فيها الانتاج الفني الى تفقيس آلي، كل يوم فتاة جديدة تغني وهي داخلة الى الدوش أو خارجة منه، عدا عن الايحاءات والحركات التي أقل ما يقال فيها أنها مبتذلة.
ومع الوقت بدأ الواقع الاجتماعي يتحول الى مرآة للواقع الفني، وبدأت الخلاعة تتحول الى نمط عيش يفرض نفسه بالقوة. وفي هذا الصدد، تقول رندة (27 عاماً) ان الخلاعة أصبحت جزء لا يتجزأ من المجتمع، وتحوّل التأشير بالأيدي الى الفتاة المحترمة على اعتبار أن زمن المحافظة ولّى، والخلاعة هي نوع من أنواع التحضر والانفتاح.
وتلفت الى أن هناك أشياء كثيرة تدعم هذا النظرة، أهمها الاعلام الذي أخرج الأمر من حدود الظاهرة وكرّسه كواقع وصورة للمجتمع اللبناني التي تتعزز على هذا الاساس. ويشاطرها الرأي عمر (30 عاماً) الذي يعتقد أنه مع الوقت سوف يقتنع ان الخلاعة هي الصح. ويبدي صدمته من التحولات التي طرأت على المجتمع اللبناني والخلاعة التي اقتحمته "يقلّدون الغرب ولكنهم تخطوه بأشواط، أنا عشت في أميركا ولكن الخلاعة في لبنان أكثر بمليون مرة من أميركا".
ويعلّق شادي (27 عاماً) الذي يعمل في ملهى ليلي: "أصبحت الخلاعة جزءاً من تراثنا السياحي، نلتقط الموضة من الغرب لتتحول عندنا الى خلاعة، وأكبر مؤشر على ذلك ازدحام الملاهي الليليلة برواد يستبيحون كل شيء بعد أن أسقطوا كل المحرمات". ويشير الى أن الفن يلعب دوراً كبيراً في الترويج للخلاعة، وبتهكم يسأل: "هل ينجح فيديو كليب من دون فتيات يرقصن بشبه ملابس مع ايحاءات وايحاءات؟"
يفسّر وليد (29 عاماً) هذه الظاهرة بأن بعض الأشخاص يسيئون استخدام الحرية فيما البعض الآخر يستخدمها بطريقة مسؤولة، والمسألة متعلقة بثقافتهم ووعيهم. ويعتبر أن ما يحصل طبيعي جداً وهو نسبي نظراً لارتباطه بالمحيط والمجتمعات والمؤثرات الخارجية. وبالنسبة اليه، لكل انسان حرية التصرف كما يشاء شرط الا تؤذي حرية الآخرين، والافضل أن يصل المجتمع الى مرحلة يقرر أفراده ماذا يريدون بعد التجربة.
وعن سؤال اذا كان يتزوج من فتاة تتصرف بطريقة خلاعية، يجيب: "ليس من الضروري أن أكون ضدها اذا لم أتزوجها، فأنا سأتزوج الفتاة التي تناسب تفكيري، وما يهمني مضمونها وليس خارجيتها". الا أنه يبدو واضحاً أنه سيتدخل بطريقة لبسها وتصرفاتها وان كان يؤكد عدم فرض رأيه عليها.
في المحصلة، قد تكون موجة الموضة اجتاحت المجتمع اللبناني وجلبت ما جلبت معها من التحولات السلبية في نمط العيش، ولكن ذلك لا يعني أن الصورة واحدة في كل المجتمع، فكما هناك منساقون في هذه الموجة، هناك معارضون لها... لذا من المجحف التعميم. ولكن ذلك لا يعني التغاضي عما يحصل، فمن العبث أن يكون المرء كالنعامة يخفي رأسه تحت التراب ظناً منه أن لا أحد يراه.. هناك مشكلة ويجب معالجتها قبل أن تستفحل أكثر، وقد يكون الاعلام مطالباً أكثر من غيره لحلها.