رياح الجليل
- ما بك ...
- (يا له من سؤال .... )
الكل ومنذ أيام يهتمون بي بشكل كبير فلا أكاد أقف حتى يتبعني اثنان أو ثلاث
- هل تحتاج إلى شيء
- لا شكرا أريد فقط أن أقوم ..... أن أمشي قليلا
- على راحتك .. المهم إذا احتجت شيئا فلا تتردد ....
- طبعا طبعا
- ما بك ...
- عدنا لهذا السؤال ... لا شيء
لماذا يعاملني الناس بلطف يذكرني بأني سأموت عند الفجر ....
لماذا يجب أن أحس بموتي قبل وقوعه .....
- لا...لا يا خالد ... أنت ذاهب لتعود لكنك بطل ،والبطل كل الناس تعامله بشكل مختلف
- من هذا الرجل الذي يرتدي ثيابا بيض
- أين .. لا أرى أحدا .. لا أدري ..قد يكون واحد من الشباب ..
- إنه يبتسم لي...
أتعلم ... أن يقدم المرء شيئا عظيما ينهي به حياته هو أمر في غاية الروعة ... لكنه شعور مزعج أنك تدري بأنك لن تستطيع معرفة ردة فعل عملك وإن كان نجح أم لا ...
- يا رجل ما بالك ... قلت لك ...أنت ذاهب لتعود ،وسنحتفل سويا بالنصر بل سيأتي يوم ونرجع فيه مظفرين إليها .. ولو..
- ولكن ... قد أموت ..
- أنت لن تموت أنت سوف تستشهد ... ( و لا تحسبن الذين قتلوا ) ... ولو ...
وبعدين سوف ترجع ،لن تموت
- نعم .. نعم ... إن شاء الله شهيد ... لكن كيف سأعلم نتيجة فعلي هناك... أقصد ...سأكون هناك..
... ترى ، هل سيسامحني أبي بعد أن يعلم باستشهادي .... هل ستطلق أمي الزغاريد أم أن بكاءها سيكون طاغيا على أي شيء..
- صدقني سوف تعود ،وسوف نحتفل وأهلك بالنصر،ما رأيك أن نعود إلى الغرفة،البرد مزعج هنا بعض الشيء .
- لا أريد أن أختبئ ... بعد قليل سأعب من هذا الهواء ملء رئتي ...لا تنسوا أن توصلوا الأمانات أرجوكم ...
- ... أتعلم ... نيالك يا عمي سوف تكون أول من يشتم هواء الجليل .. الشباب هنا كلهم يحسدونك على هذه النعمة ...
ادعي لنا، عسانا نشتمه قريبا...
(فعلا يا صديقي هذا الهواء لا شيء يشبهه ... إنه هواء الجليل ...
أي ريح طيبة تدفعني إليك أيها الجليل .. بطائرتي الشراعية أحلق فوق أشجار الزيتون .. أشتم عبقها
ويخفق لها صدري كله ..
- 1-
أتيتكم يا أوغاد ... أنا خالد.. أحدهم .. أحد الشباب الذين لم تحسبوا حسابهم .. جئت وثلة من رفاقي ...
أنا خالد .. قادم إليكم ببندقيتي على جناح طائرتي الشراعية لأخلص هواء الجليل من أنفاسكم ..
آه يا نسمات الجليل كم قضيت ليال أحلم بعبيرك...
وصلت إليكم يا أوغاد ... سوف يمر وقت لا بأس به حتى تشعروا بي وسأقتل منكم الكثير حتى تستطيعوا الرد ..
و ... لحظة إنه الرجل الذي يرتدي الثياب البيض يلوح لي ويبتسم .. لقد سبقني إلى هنا
آه .. فشرت رصاصاتكم أن تقهرني سأتابع رغم كل نيرانكم السخية ومدافعكم ، آه .. أهكذا تستقبلون ضيفا في داره ... لا عليكم سأرد بالأقوى ...لا عليكم يا كلاب ..
.. أتيتكم يا أوغاد...وستبقى فلسطين عربية
آه ... إنها الجروح تنهكني لكن ..هيهات ..
إنه الرجل ذو الثياب البيض يتقدم إلي ...
يحضنني بقوة ...
تمام .. لقد ذهب الألم وعاد يطير بي ذلك الرجل في هواء الجليل ...
يالله ... كم هي عليلة هذه النسمات ..)
الدجى والمدى جنحه..
وجهه ابتسامة الصبح الجميل ....
لم تدر به غير زيتونة
ألف قلب بها على كل غصن في الجليل ....