خطبة فلسفية
بقلم : معين محمد حاطوم - دالية الكرمل - حيفا
عدت إليكم....
ليس لأن أحدا منكم ينتظرني ....
وليس لأن أحداً منكم قد أشتاق إلي وتمنى أن أعود إليه. فأنا أحد لا يشتاق إليه أحد...!
ولا يشعر بغيابه أحد ...!
كل ما أذكره من هذه الحالة الشاذة، هو أنني استيقظت مبكرا على غير عادة ... فوجدت نفسي عائدا إليكم وفي نفسي شوق عظيم كي أعود... صحيح أنني كنت بينكم، صحيح أنكم كنتم تمرون من أمامي وأمر من أمامكم ، تلوّحون لي بأياديكم لخفتها ، وأهز لكم برأسي لخفته فتمطروني " بضحككات" لا يعرف أحد كنهها حتى أنتم ..!
حقيقة ،لماذا تتضحككون حين ترونني ؟
لا بأس إن لم تسمعوا بمثل هذه الكلمة ... فالتضحكك ، وهي من اختراعي . هي حالة اللاإكتراث المُعبر عنها بضحكة صفراء مصحوبة بنقيق كنقيق الضفدع ! . أعرف بأنكم لستم ضفادع لكونكم تتضحككون ... هذا واضح من مشيتكم ... فأنتم لا تتواثبون ولا تقفزون من حجر إلى حجر ، ومن ثم إلى ترع الماء أو البرْكة .... وأعرف أيضا أن لونكم ليس أخضر مبرقعا ، وأعرف أنكم لا تعرفون السباحة وأنكم تكرهون الماء !! من هنا استنتج بأنكم لستم ضفادع ومن ثم ، ما الشيء إن لم يكن بشكله ؟؟
تخيلوا أن نعثر في أحد الأيام على حمار يتكلم ، يفكر ، ويذهب إلى أفخر المطاعم ليأكل الكباب والمحاشي والسلطات ولا يقبل إلا بعقبى الكنافة أو الكعك الشرقي والغربي !
فهل كان سيرضيكم مثل هذا المشهد؟ أو لعلكم إن كنتم تهبونني من كرمكم بعض الوقت فتتخيلوا مشهدا لإنسان ينهق ويأكل البرسيم ويسير كالقردة على أربع .... فماذا كنتم ستقولون أزاء هذه الحالة ؛ صارمة التناقض !
أما كنتم تقولون أن الشكل يتناقص مع الماهية ؟
أو ترى كنتم تقلون .. لم يخلق الحمار على شاكلته عبثا ولم يخلق الإنسان على شاكلته صدفة ...
ولم يتراءى الكون بما فيه كما يتراءى اعتباطا وقسر !
طبعا ، وبفضل نباهتكم المطلية برب الذكاء والفطنة ، ستخلصون إلى نتيجة ، لم أرغب أبدا بأن تستخلصوها من هرجي ، وهي أن لكل شيء في الوجود هدفاً وغاية! وهذا بالذات ليس بالاستنتاج الذي رغبت بأن تستنتجوه ، وإنما قصدت أن كل شيء في الوجود وجد شكله ..... ! أو خلق شكله !! .
المعذرة ! ما عرفت قط ، بأن عودتي إليكم ستجرني وتجركم إلى هذا المسلك الشائك! إنها مجرد صدفة تلقائية خرجت تداعيا من الحالة البائسة المصابة بها ذاكرتي ، والسطحية المهيمنة على وجودي ! لأنني قصدت أن أفول شيئا بسيطا للغاية .. وهو, يتعذر عليك أن تكون موجودا فعلا في الزمكان اللذين أنت بهما موجود حقا !
وهذا يذكرني برجل عظيم الشاربين ... ولكنه يخش من ظله إن مالت الشمس فوق رأسه ... أو كذاك الذي يقفز إلى أول طاولة صارخا فزعا إن مرت فأرة من أمامه فأحدث هذا ألامر عطباً في التصور العام للرجولة, وتشوهت اعتباراتها المظهرية المتعارف عليها, واعتبر الشارب منذها مجرد شعيرات غير حليقة تعتلي الشفة وتبص الى داخل المنخرين , وقيل بأن هذا الاكتشاف أصاب رجالنا في الشرق بذعر, فدبت الفوضى في تقاليدنا الرجولية, لدرجة انها توقفت عن دغدغة شفاه الحسان العطشى , وما عادت تلتف على بعضها البعض مهما نتأت عضلات من يفركها ويمسجها ! منذها وجيلنا المنفلت يشن حرب استنزاف ضد ثقافة " الشوْرَبة "
بقلم : معين محمد حاطوم - دالية الكرمل - حيفا
عدت إليكم....
ليس لأن أحدا منكم ينتظرني ....
وليس لأن أحداً منكم قد أشتاق إلي وتمنى أن أعود إليه. فأنا أحد لا يشتاق إليه أحد...!
ولا يشعر بغيابه أحد ...!
كل ما أذكره من هذه الحالة الشاذة، هو أنني استيقظت مبكرا على غير عادة ... فوجدت نفسي عائدا إليكم وفي نفسي شوق عظيم كي أعود... صحيح أنني كنت بينكم، صحيح أنكم كنتم تمرون من أمامي وأمر من أمامكم ، تلوّحون لي بأياديكم لخفتها ، وأهز لكم برأسي لخفته فتمطروني " بضحككات" لا يعرف أحد كنهها حتى أنتم ..!
حقيقة ،لماذا تتضحككون حين ترونني ؟
لا بأس إن لم تسمعوا بمثل هذه الكلمة ... فالتضحكك ، وهي من اختراعي . هي حالة اللاإكتراث المُعبر عنها بضحكة صفراء مصحوبة بنقيق كنقيق الضفدع ! . أعرف بأنكم لستم ضفادع لكونكم تتضحككون ... هذا واضح من مشيتكم ... فأنتم لا تتواثبون ولا تقفزون من حجر إلى حجر ، ومن ثم إلى ترع الماء أو البرْكة .... وأعرف أيضا أن لونكم ليس أخضر مبرقعا ، وأعرف أنكم لا تعرفون السباحة وأنكم تكرهون الماء !! من هنا استنتج بأنكم لستم ضفادع ومن ثم ، ما الشيء إن لم يكن بشكله ؟؟
تخيلوا أن نعثر في أحد الأيام على حمار يتكلم ، يفكر ، ويذهب إلى أفخر المطاعم ليأكل الكباب والمحاشي والسلطات ولا يقبل إلا بعقبى الكنافة أو الكعك الشرقي والغربي !
فهل كان سيرضيكم مثل هذا المشهد؟ أو لعلكم إن كنتم تهبونني من كرمكم بعض الوقت فتتخيلوا مشهدا لإنسان ينهق ويأكل البرسيم ويسير كالقردة على أربع .... فماذا كنتم ستقولون أزاء هذه الحالة ؛ صارمة التناقض !
أما كنتم تقولون أن الشكل يتناقص مع الماهية ؟
أو ترى كنتم تقلون .. لم يخلق الحمار على شاكلته عبثا ولم يخلق الإنسان على شاكلته صدفة ...
ولم يتراءى الكون بما فيه كما يتراءى اعتباطا وقسر !
طبعا ، وبفضل نباهتكم المطلية برب الذكاء والفطنة ، ستخلصون إلى نتيجة ، لم أرغب أبدا بأن تستخلصوها من هرجي ، وهي أن لكل شيء في الوجود هدفاً وغاية! وهذا بالذات ليس بالاستنتاج الذي رغبت بأن تستنتجوه ، وإنما قصدت أن كل شيء في الوجود وجد شكله ..... ! أو خلق شكله !! .
المعذرة ! ما عرفت قط ، بأن عودتي إليكم ستجرني وتجركم إلى هذا المسلك الشائك! إنها مجرد صدفة تلقائية خرجت تداعيا من الحالة البائسة المصابة بها ذاكرتي ، والسطحية المهيمنة على وجودي ! لأنني قصدت أن أفول شيئا بسيطا للغاية .. وهو, يتعذر عليك أن تكون موجودا فعلا في الزمكان اللذين أنت بهما موجود حقا !
وهذا يذكرني برجل عظيم الشاربين ... ولكنه يخش من ظله إن مالت الشمس فوق رأسه ... أو كذاك الذي يقفز إلى أول طاولة صارخا فزعا إن مرت فأرة من أمامه فأحدث هذا ألامر عطباً في التصور العام للرجولة, وتشوهت اعتباراتها المظهرية المتعارف عليها, واعتبر الشارب منذها مجرد شعيرات غير حليقة تعتلي الشفة وتبص الى داخل المنخرين , وقيل بأن هذا الاكتشاف أصاب رجالنا في الشرق بذعر, فدبت الفوضى في تقاليدنا الرجولية, لدرجة انها توقفت عن دغدغة شفاه الحسان العطشى , وما عادت تلتف على بعضها البعض مهما نتأت عضلات من يفركها ويمسجها ! منذها وجيلنا المنفلت يشن حرب استنزاف ضد ثقافة " الشوْرَبة "