* * ذئــب وضحـــكه وامــرأه أو ضحكه وساعة نحس * قصه حقيقيه جرت أحداثها في قريه ما في زمان ما أرجو ان تنال رضاكم. * * بدأ الجو بالتلبد بعد ظهيرة ذلك اليوم الخريفي والحار نسبياً ، ولم تلبث أن هبت رياح عاصفه وأخذت الرياح تشتد وتشتد متثيرة الغباروالأتربه ومحطمة الأغصان الغضه والصحون اللاقطه وكل شي قابل للكسر، تطاير في الجو كل ما كان على حبال الغسيل وامتلأت السماء بالورق والأكياس الفارغه ... يالها من عاصفه هوجاء ..الرؤيه تكاد تنعدم فالغبار يحجب كل شيء لا يكاد المرء يستطيع ان يتنفس و اعقب كل تلك العاصفه رية (زخـّة) كبيره من المطر جلس أبو محمد بين زوجته وابنته على المصطبه يحتسون المته بعد هدوء العاصفة ، كان يحتضن رأس ابنته ليلى ذات الخمس وعشرين ربيعا ويلعب بشعرها وقد أغمضت عينيها وكأنها استسلمت لإغفاءه في حضن والدها كما هي عادتها منذ نعومه أظفارها ملتصقه دائما بأبيها بشكل يثير العجب ، ذكيه جداً ،تعرف ما يريد أبيها قبل ان يتكلم وتعتني بحاجاته أكثر بكثير من أمها وبالمقابل فهو يحبها بجنون. ليلى غايه في الجمال والأدب،ملاك يمشي على الأرض، فقدت النطق منذ أن كان عمرها خمسة أعوام ولكنها تسمع بشكل جيد وتتواصل بالإشاره وبحركات الشفاه بشكل مذهل ، تعلمت القراءه والكتابه بمساعدة والدها ، تحب الشعر وتهوى الموسيقى والرقص وتقرأ كثيرا. قالت أم محمد ما أغرب تقلبات الجو هذا اليوم..فمن شمس حارقه إلى جو ٍعاصف فماطر وبغزاره، أبو محمد همهم موافقا وعيناه مسمرتان على مستنقع أشبه ببحيره صغيره قد تشكلت في باحة الدار ولا زالت قطرات المطر تهطل بنعومه مخلفة فقاعات لامعه على سطحها ودوائر متقاطعه تكاد لا تنتهي ...لم يسمع كثيراً مما هذرت بها أم محمد كان يتناول كاس المته من يدها ويشربها وعيونه لا تتزحزح عن المستنقع ساهماً في الفقاعات التي تخلفها حبات المطر فيما لا تزال يده اليسرى تداعب شعر ابنته التي على ما يبدو قد اخذتها الإغفاءة فعلاً في حجر والدها. تساءلت ام محمد: والله لست معي يا عزيزي ..فيما انت شارد؟؟؟ وربتت على كتفه فانتبه من غفلته وابتسم ولم يلبث أن ضحك ضحكة مجلجله وبصوت عال ٍجداً مما حدا بابنته ان تستيقظ وتنسحب بهدوء الى داخل البيت. اما زوجته فقد اقتربت أكثر والتصقت به وسألته: هل لي أن أعرف سبب ضحكتك؟؟ أضحكني معك!!!! ارتبك ابا محمد وتأتأ قائلا: لـ لا ..لا لاء للـء لـء لااا لا شيء.. أبدا أبدا اشعر بالبرد، دعينا ندخل البيت الكبير( يقصد غرفة الجلوس )! ولكنك لم تجب ما الذي اضحكك ؟ اردفت الزوجه مقطبة جبينها مستشعرة انه يخفي أمراً ما في صدره.. لم يجب .. حمل صينية المته ودلف إلى داخل البيت الكبير فيما لحقت به وكررت سؤالها عن سبب ضحكته أما هو فقد غير الحديث ببراعه لينتقل لمسلسل السهره. أحضرت الزوجه عشاءً خفيفا ًوكل ما كانت تفكر به هو سبب ضحكة زوجها غير المبرره ، لماذا ضحك؟ لماذا... ؟ لماذا ؟؟؟؟تساءلت !! محاولةً أن تتذكر ما مر معهم خلال اليوم والبارحه ، يا الله لا شيء يدعو للضحك!!!!!ماذا يخفي أبو محمد؟ لم تستطع النوم ليلتها ،هو سؤال واحد يدور بذهنها :ما الذي جعله يضحك؟؟لا شيء ابدا يدعو للضحك!!! تململت وتقلبت في فراشها كثيرا فيما بدأ يشخر شخيرا خفيفا ..التفتت صوبه بغيظ ووكزته..أبو محمد أبو محمد نادت بصوت خفيض أصلح نومتك .. ثم كررت السؤال :ألا تريد أن تخبرني ما الذي أضحكك؟؟ قالت له بعد أن شعرت انه صحا من غفوته..لم يجب ،ابتسم وجذب اللحاف وكمر رأسه وغط في نوم عميق أما هي فلا تدري متى وكيف غفت. استيقظت قبله ، طحنت الهيل بالهاون النحاسي الكبير مما عجل بصحوه، جهزت المته ودون مقدمات اقتربت منه وغمرته بكل حنان و احتضنته وقبلت خده مثلما لم تفعل منذ مده طويله،التفت إليها وقد اعترته دهشه كبيره، ولكنها لم تترك له فرصه ليعرب عن دهشته بل بادرته بالسؤال: إيه ..أخبرني ماالذي اضحكك البارحه ؟؟؟ أصبحنا وأصبح الملك لله استصبحي بالخير يا امرأه!!ما الذي جرى لعقلك؟؟؟ في هذه اللحظه جاءت ابنته وقد أحضرت كأسها وجلست إلى جوار أبيها الذي غير الحديث ببراعته المعهوده. مر يوم.. وأثنان.. وثلاثه... ولم تنس ولم تكف عن سؤاله عن سبب تلك الضحكه،حاصرته بالسؤال وكأنها متيقنه من اخفائه أمراً ما ، ( أكيد ثمة شيء ما أثار ضحكته ). وفي ساعة نحس كما أطلق عليها لاحقا قرر أن يطلعها على سبب ضحكته ، كانت ليلى تتدرب على الرقص في غرفتها استعداداً لحضور حفله زفاف جارتها وصديقتها . قررفي ساعة النحس تلك أن يقاسم زوجته سراً حمله في صدره لمدة عشرين عام وأن يقول لها لماذا ضحك في ذلك المساء الماطر. قال:أتذكرين جارنا أبو علي؟؟أبو علي... شريكي بتسمين الخراف ألا تذكرينه ؟؟ قالت بلى أذكره إنه زوج صديقتي الوحيده أحلام؟ كيف لا أذكره ،أذكر أنه غادر القريه منذ زمن طويل ولم يعد ، اختفى أي أثر له، ولكن ما الذي جعلك تتذكره الآن؟؟ قال : كنا شريكين وصديقين بل لم أكن أحب إخوتي أكثر منه ، والله كنا أكثر من أخوه ،كان للحظيره مفتاحين أحدهما معي والآخر معه. كانت الوقت خريفاً مثل هذه الأيام ، هطل المطر بشكل مفاجيء عصر ذاك اليوم ، استفقدت ليلى ذات الأعوام الخمسه لم اجدها ، بحثت عنها بكل مكان وسألت الجيران دون جدوى ، وخمنت ربما تكون قد لحقت بك إلى بيت جدها حيث كنتِ وقتها هناك. لم أدر كيف خطر لي أتفقد الخراف..ولجت الحظيره واذا بي أسمع صوتاً يشبه صوت القطه من ناحية غرفة العلف ، اقتربت بحذر ويا لهول ما رأيت!!! كان أبوعلي يفترس ابنتنا ليلى . المفاجأه أذهلتني و شلت أبو علي الذي أفلت ليلى وقتها..التفت حولي وجدت المطرقه ( المهده ) لم يقاوم ابداً استسلم لي ولم ينطق ببنت شفه وبضربه واحده فقط انهرس رأسه ، رميت خيشه (كيس ) تبن فوقه وتركته ، وفي نفس الليله دفنته بيدي هاتين . والتفتت لابنتي ...كانت ليلى عاريه تماما تتمسك بقدمي والدم يسيل منها ،ألبستها ثوبها بسرعه وذهبت بها الى البيت ، كانت ترتجف بيدي مثل عصفور ذبيح ، حممتها وغيرت ثيابها ، ووقتها روت لي كيف أستدرجها للحظيره بحجة الحلوى وكيف اعتدى عليها بوحشيه بعد ان سد فمها بيده لقد اغتصبها الوحش بلا رحمه ودون أن تردعه صداقتنا وجيرتنا نعم قتلته و لم أشعر بالأسف أو الندم لحظه واحده على قتله إنما ندمي و أسفي كان على صداقه لم تكن في محلها وكيف أنني خدعت بذئب بشري . عملت وقتها مته وجلست أنظر لذات المستنقع وكانت الفقاعات تتشكل على وجه الماء مثل الوقت الذي ضحكت فيه ، لقد تذكرت كل التفاصيل ، و أدق التفاصيل وهذا ما جعلني أضحك بصوت عال دو أن أدري...، لهذا السبب ضحكت هل ابترد خاطرك الآن ؟؟؟ ليلتها استغرقت ليلى بنوم عميق جداً وفي الصباح لم تتكلم لقد فقـدت ليلى النطق، ولم تجد كل محاولات الاطباء لاحقاً لإعادة النطق اليها. اسمعيني يا ام محمد لا يعلم بهذه الحادثه الا الله و انا وليلى وانت الآن. أغمي على أم محمد من هول الخبر ، أسرع فأحضر زجاجة عطر ودلقها على وجهها ، فصحت ونظرت إليه بخوف وذهول وفكرت... عشرين سنه أعيش مع مجرم قاتل ؟؟؟؟عشرين سنه يخفي عني سره؟؟ صرخت بكلمات غير مفهومه أسرع واغلق فمها بيديه خشية أن يسمعها أحد. اصمتي يا امرأه أتريدين أن تفضحينا؟؟ صمتت وطال صمتها كثيرا ً هذه المره ، تغيرت كثيرا لم تعد تتكلم معه كالمعتاد و أصبحت دائمة الشرود ،تتفاجىء كلما رأت أبو محمد وتطلب منه أن يصدر صوتا ً لدى دخوله البيت أو المطبخ كأن يسعل أو يخبط الباب. أصبحت تجفل من أية حركه أو نأمه تصدر منه واذا صادف وأن لمسها تنتفض كأن كهرباءً قد مستها. كانت ساعة نحس عندما فكرت أن اقاسمك همومي , لعن الله تلك الساعه التي أخبرتك فيها ، هكذا اصبح يقول كلما شاهدها شارده الذهن. وفي ساعة نحس أخرى واثناء وجودهما في المدينه توقفت في سوق الصاغه ودلفت الى أحد المحلات، وطلبت من أبو محمد أن يشتري لها قطعة ذهب كبيره تفوق بكثير قدرته ، وكأنها تبتزه ، فأخذ يماطل ويسوف ويؤجل واعداً إياها بأنه سيحضر طلبها عندما يبيع قطعة أرض وبعض الخراف عسى ولعل أن تعود لطبيعتها. ولكنها ضاقت ذرعاً ولم تعد تطيق مماطلته ولم تعد تقو على الصبر فذهبت ذات مساء لجارتها أحلام صديقتها الوحيده التي كانت لا تزال تحلم بعودة حبيبها أبوعلي ذات يوم ، شعرت بشعور صديقتها وأحست بنوع من الذنب وبدون أية مقدمات اخبرتها بالحقيقه الصاعقه. شعرت أم محمد بعد توقيف زوجها بالخجل من نفسها وتندمت كثيراً، شعرت بالوحده، و بتأنيب الضمير، لم يسبق لها أن بكت بمثل هذه الحرقه. في يوم المحاكمه وعندما شاهدت أبو محمد في القفص دنت منه تريد أن تستسمحه ، كانت القدر أسرع حيث انطلقت رصاصتان من مسدس علي الأبن البكر للمغدور فاستقرت أحدهما في رأس أم محمد ولفظت أنفاسها بالحال فيما اخترقت الرصاصه الأخرى ذراع أبو محمد. وسط ذهول الجميع نطقت ليلى صرخت صرخه مدويه وحكت للقاضي القصة بالتفصيل. * انتهت اليوم 12/01/2009 * * بقلم سمار تلدره * * |