*
*
بلا زمان ولا مكان
ربما هي الصدفه وحدها تلك التي جمعت "شله" من الزعران وأبناء الشوارع (همشريه) وقد ربطت بينهم هواية الضجيج والازعاج والصخب المتواصل بواسطه الاجهزه الموسيقيه والغناء الهابط وبأصوات منكره شديدة الازعاج .
اشكالهم القبيحه واهمالهم لمظهرهم ولنظافتهم والرائحه النتنه المنبعثه منهم كانت تنبئك عن سوء أخلاقهم وسوء محضرهم حيث كانوا قذري الثياب ، شعث الشعر،أظافرهم طويله سوداء ، و كانو يسمون انفسهم الخبراء.
كان لا يسلم أحد من أذاهم وتعليقاتهم الجارحه لا يرعون ذمه ولا حرمه، ولا يوفرون صغيرا اوكبيرا ولا شيخا طاعنا في السن أو حتى فتاة أو امرأه .
أكبرهم كان يملك بوقا ومزمارا وجهاز ستيريو قديم ورثه عن أحد أخواله ، والثاني لديه عود متهالك والثالث لديه مزهر وطبل وكان مشهورا بالتفذلك والتلفلسف وتسخيف آراء الآخرين وكانوا يهابونه لرذالته و سلاطه لسانه، أما أصغرهم فكان يملك طبله (دربكه) كضابط ايقاع لفرقة الازعاج وكان غبيا جدا ولكنه تابع ومطيع لكبير الخبراء اطاعه عمياء ولذا كان يدعوه صغير الخبراء .
كانوا يجتمعون في منزل احدهم بشكل يومي تقريبا وما إن يجتمعوا حتى يرفع احدهم عقيرته بالغناء وتبدأ وصلة من النشاز والزعيق والصراخ لها اول وليس لها آخر مما يضطر اهاليهم لطردهم
خارجا للتخلص من الازعاج لا سيما انهم أنهم كانوا يستعملون مكبرات تضخيم الصوت بالاضافه للستيريو المسرحي...
ما العمل؟؟؟ لا مكان يحويهم ويتحمل ازعاجهم وقرفهم وأذاهم وضجيجهم ؟؟؟
لا بد من مكان ؟؟ هكذا فكر كبير الخبراء كما كان أصحابه يسمونه ،ولا أحد يدري لماذا يسمون أنفسهم الخبراء ولماذا اختاروا هذه التسميه المهيبه..... لم يطل بهم التفكير كثيرا فلقد قرروا استئجار شقه لتأمين مكان اجتماعاتهم ولممارسة هوايتهم بإزعاج الناس والدوس فوق كل الأعراف و القيم معتبرين ان ذلك هو حريه شخصيه وليس من حق أحد الحد من حريتهم أو مصادرتها دون أن يدركوا ان حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ، وأخيرا وبعد جهد جهيد وجدوا ضالتهم في شقة صغيره على سطح إحدى البنايات المؤلفه من خمسة طوابق.
فرحوا كثيرا بهذه الشقه التي صارت بالنسبه لهم كل شيء، وحلت مشكلة أزعاجهم لأهاليهم لتبدأ رحلة ازعاج الآخرين ،وصاروا يجتمعون بها بشكل يومي بعد ان ابتاعوا بعض الكراكيب لتأثيثها وصارت ملاذهم ووكرا لاجتماع المشردين والزعران والحثالات أمثالهم حيث باتوا يحيون الليل بالشراب والعربده والغناء .
كتبوا على باب الشقه (فرقة الخبراء الموسيقيه) والصقوا إعلانا على باب البنايه :هنا مقر(فرقة الخبراء الموسيقيه،مستعدون لاحياء الحفلات).
بدء سكان البنايه بالإعراب عن انزعاجهم من اصواتهم ومن الموسيقى النشاز أصلا والمرتفعه جدا وطلبوا منهم أكثر من مره أن يتوقفوا عن الازعاج كل بدوره ولكن دون جدوى،ولم تفلح محاولات صاحب البنايه في ثنيهم عن الازعاج الذي لم يتوقف على البنايه فحسب بل امتد الى البنايات المجاوره بل انزعج منهم كامل الحي والاحياء المجاوره ولم تفلح جهود مختار الحي والجيران وكافة من تدخل
لثنيهم عن ازعاجهم الذي يبدأ من ساعة استيقاظهم ولا ينتهي حتى ساعات الفجر الاولى بعد أن يلقوا مخلفاتهم ونفاياتهم وما افرغوه من زجاجات في مدخل البنايه.
وصل خبر الزعران الى قائد المخفر فأرسل اليهم وأحضرهم وحاول معهم بالتهديد وبكل السبل ولكن لم تفلح جهوده في ثنيهم عن ازعاج الناس ولم يرعووا وكانوا يعتبرون تدخله هو اعتداء سافرعلى حريتهم الشخصيه.
تسلل أحد السكان في غفلة من الزعران وعدل كلمه الخبراء لتصبح الحقراء وعندما شاهدوا هذا التغيير على اعلانهم بمدخل البنايه لم ينزعجوا اطلاقا بل استحسنوا الفكره وقاموا بتعديل حتى ماكتب على باب الشقه لتصبح منزل ( فرقة الحقراء الموسيقيه ) واصبحوا ينادون أكبرهم وزعيمهم عازف المزمار بكبير الحقراء بعد ان كان لقبه كبير الخبراء والذي بدوره كان يستمتع ويعتز بهذا اللقب بل وكان يأمر اصحابه بصفته كبير الحقراء وعليهم تنفيذ اوامره، كما كان يلقب بالأرعن ايضا.
اضطر سكان البنايه للبحث عن اي وسيله للتخلص من هذا الكابوس وهجر بعضهم بالفعل بيته في البنايه واستأجروا في مكان اكثر هدوءً مما أثر على صاحب البنايه وتقلص دخله وفعل المستحيل لايجاد طريقه ليتخلص من الزعران وازعاجهم وصخبهم، وتوصل بفضل بعض المعارف الى مكتب المحافظ الذي أشار عليه يالتقدم بشكوى لقاضي المدينه على أن يدعمها المحافظ شخصيا وهذا ما كان ،حيث اشتكى عليهم واستطاع النيل منهم حيث حكم عليهم القاضي بأقصى ما تسمح صلاحياته، فنال كل منهم سنه حبس مع إخلاء الشقه وتوقيع تعهد بعدم العوده لممارسه الازعاج.
الطريف بالأمر انه حكم صغير الحقراء (ضابط الايقاع) بسنتين حبس دون بقيه زملائه وعندما سئل القاضي عن السبب بمضاعفة حكم الطبال( ضابط الايقاع ) أو صغير الحقراء قال: ( لأنو كلما بردت بيحميّا ).
بعد انقضاء محكوميتهم و خروجهم وشعورهم الحقيقي بالحريه بحث كبير الحقراء (أو عازف المزمار أو الأرعن كما كانو يلقبونه ويعتز بهذا اللقب) طويلا عن عمل مفيد غير ناسيا ولا متناسيا ماضيه وما اقترفت يديه وكيف هدر وقته بلا شفقه، وبعد ان ضاقت به السبل ،اسس فرقه موسيقيه جديده اسماها زامر الحي
حيث استأجر بنفس الحي ولكن لم يلتفت اليه أحد وانفض الجميع من حوله على اعتبار أن زامر الحي لا يطرب.
انتهى
تمت
اليوم تمام الثانيه صباح الاربعاء
28/1/2009
*
*
سمار
*
*
*
بلا زمان ولا مكان
ربما هي الصدفه وحدها تلك التي جمعت "شله" من الزعران وأبناء الشوارع (همشريه) وقد ربطت بينهم هواية الضجيج والازعاج والصخب المتواصل بواسطه الاجهزه الموسيقيه والغناء الهابط وبأصوات منكره شديدة الازعاج .
اشكالهم القبيحه واهمالهم لمظهرهم ولنظافتهم والرائحه النتنه المنبعثه منهم كانت تنبئك عن سوء أخلاقهم وسوء محضرهم حيث كانوا قذري الثياب ، شعث الشعر،أظافرهم طويله سوداء ، و كانو يسمون انفسهم الخبراء.
كان لا يسلم أحد من أذاهم وتعليقاتهم الجارحه لا يرعون ذمه ولا حرمه، ولا يوفرون صغيرا اوكبيرا ولا شيخا طاعنا في السن أو حتى فتاة أو امرأه .
أكبرهم كان يملك بوقا ومزمارا وجهاز ستيريو قديم ورثه عن أحد أخواله ، والثاني لديه عود متهالك والثالث لديه مزهر وطبل وكان مشهورا بالتفذلك والتلفلسف وتسخيف آراء الآخرين وكانوا يهابونه لرذالته و سلاطه لسانه، أما أصغرهم فكان يملك طبله (دربكه) كضابط ايقاع لفرقة الازعاج وكان غبيا جدا ولكنه تابع ومطيع لكبير الخبراء اطاعه عمياء ولذا كان يدعوه صغير الخبراء .
كانوا يجتمعون في منزل احدهم بشكل يومي تقريبا وما إن يجتمعوا حتى يرفع احدهم عقيرته بالغناء وتبدأ وصلة من النشاز والزعيق والصراخ لها اول وليس لها آخر مما يضطر اهاليهم لطردهم
خارجا للتخلص من الازعاج لا سيما انهم أنهم كانوا يستعملون مكبرات تضخيم الصوت بالاضافه للستيريو المسرحي...
ما العمل؟؟؟ لا مكان يحويهم ويتحمل ازعاجهم وقرفهم وأذاهم وضجيجهم ؟؟؟
لا بد من مكان ؟؟ هكذا فكر كبير الخبراء كما كان أصحابه يسمونه ،ولا أحد يدري لماذا يسمون أنفسهم الخبراء ولماذا اختاروا هذه التسميه المهيبه..... لم يطل بهم التفكير كثيرا فلقد قرروا استئجار شقه لتأمين مكان اجتماعاتهم ولممارسة هوايتهم بإزعاج الناس والدوس فوق كل الأعراف و القيم معتبرين ان ذلك هو حريه شخصيه وليس من حق أحد الحد من حريتهم أو مصادرتها دون أن يدركوا ان حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ، وأخيرا وبعد جهد جهيد وجدوا ضالتهم في شقة صغيره على سطح إحدى البنايات المؤلفه من خمسة طوابق.
فرحوا كثيرا بهذه الشقه التي صارت بالنسبه لهم كل شيء، وحلت مشكلة أزعاجهم لأهاليهم لتبدأ رحلة ازعاج الآخرين ،وصاروا يجتمعون بها بشكل يومي بعد ان ابتاعوا بعض الكراكيب لتأثيثها وصارت ملاذهم ووكرا لاجتماع المشردين والزعران والحثالات أمثالهم حيث باتوا يحيون الليل بالشراب والعربده والغناء .
كتبوا على باب الشقه (فرقة الخبراء الموسيقيه) والصقوا إعلانا على باب البنايه :هنا مقر(فرقة الخبراء الموسيقيه،مستعدون لاحياء الحفلات).
بدء سكان البنايه بالإعراب عن انزعاجهم من اصواتهم ومن الموسيقى النشاز أصلا والمرتفعه جدا وطلبوا منهم أكثر من مره أن يتوقفوا عن الازعاج كل بدوره ولكن دون جدوى،ولم تفلح محاولات صاحب البنايه في ثنيهم عن الازعاج الذي لم يتوقف على البنايه فحسب بل امتد الى البنايات المجاوره بل انزعج منهم كامل الحي والاحياء المجاوره ولم تفلح جهود مختار الحي والجيران وكافة من تدخل
لثنيهم عن ازعاجهم الذي يبدأ من ساعة استيقاظهم ولا ينتهي حتى ساعات الفجر الاولى بعد أن يلقوا مخلفاتهم ونفاياتهم وما افرغوه من زجاجات في مدخل البنايه.
وصل خبر الزعران الى قائد المخفر فأرسل اليهم وأحضرهم وحاول معهم بالتهديد وبكل السبل ولكن لم تفلح جهوده في ثنيهم عن ازعاج الناس ولم يرعووا وكانوا يعتبرون تدخله هو اعتداء سافرعلى حريتهم الشخصيه.
تسلل أحد السكان في غفلة من الزعران وعدل كلمه الخبراء لتصبح الحقراء وعندما شاهدوا هذا التغيير على اعلانهم بمدخل البنايه لم ينزعجوا اطلاقا بل استحسنوا الفكره وقاموا بتعديل حتى ماكتب على باب الشقه لتصبح منزل ( فرقة الحقراء الموسيقيه ) واصبحوا ينادون أكبرهم وزعيمهم عازف المزمار بكبير الحقراء بعد ان كان لقبه كبير الخبراء والذي بدوره كان يستمتع ويعتز بهذا اللقب بل وكان يأمر اصحابه بصفته كبير الحقراء وعليهم تنفيذ اوامره، كما كان يلقب بالأرعن ايضا.
اضطر سكان البنايه للبحث عن اي وسيله للتخلص من هذا الكابوس وهجر بعضهم بالفعل بيته في البنايه واستأجروا في مكان اكثر هدوءً مما أثر على صاحب البنايه وتقلص دخله وفعل المستحيل لايجاد طريقه ليتخلص من الزعران وازعاجهم وصخبهم، وتوصل بفضل بعض المعارف الى مكتب المحافظ الذي أشار عليه يالتقدم بشكوى لقاضي المدينه على أن يدعمها المحافظ شخصيا وهذا ما كان ،حيث اشتكى عليهم واستطاع النيل منهم حيث حكم عليهم القاضي بأقصى ما تسمح صلاحياته، فنال كل منهم سنه حبس مع إخلاء الشقه وتوقيع تعهد بعدم العوده لممارسه الازعاج.
الطريف بالأمر انه حكم صغير الحقراء (ضابط الايقاع) بسنتين حبس دون بقيه زملائه وعندما سئل القاضي عن السبب بمضاعفة حكم الطبال( ضابط الايقاع ) أو صغير الحقراء قال: ( لأنو كلما بردت بيحميّا ).
بعد انقضاء محكوميتهم و خروجهم وشعورهم الحقيقي بالحريه بحث كبير الحقراء (أو عازف المزمار أو الأرعن كما كانو يلقبونه ويعتز بهذا اللقب) طويلا عن عمل مفيد غير ناسيا ولا متناسيا ماضيه وما اقترفت يديه وكيف هدر وقته بلا شفقه، وبعد ان ضاقت به السبل ،اسس فرقه موسيقيه جديده اسماها زامر الحي
حيث استأجر بنفس الحي ولكن لم يلتفت اليه أحد وانفض الجميع من حوله على اعتبار أن زامر الحي لا يطرب.
انتهى
تمت
اليوم تمام الثانيه صباح الاربعاء
28/1/2009
*
*
سمار
*
*