الليل صديق قديم ...في الطابق الثاني من بوابة البناء ..المسدل عليه ستائر من الخضره لأشجار العربيش..
- كان المكان لايتسع إلا لغرفتين ...وتوابعهما الصغيره
كل شيء بمكانه ..إلا شعرها العبثي على صدري
مفتاح الباب نحاسي اللون...
والغرفة الأولى فيها عبق طفولي ,من صبي لايكف عن الحركه ...لاينام
الثانيه ...صغيرة كانت ..مليئه بالامتعه ...ضيقه وبشباك وحيد...مفتوح على ليل ..يكلله قمر وحيد..يراقب كل التفاصيل...
في هذه الحارة الدمشقيه التي دخلتها الحداثة من باب للفرجة فقط.
والنجوم كانت بلون قرمزي هذه الليله بشكل استثنائي, والطقس مشحون بغبار السموم..زرائحة بردى العتيقه... ورطوبة الغوطة البعيده.
الغرفة متكئة على بعضها ..خزانة وحيده ...مرآ ة كبيره..ينحصربينهما ,مسافة صغيرة..لجسدين قريبين حد التماهي ..على وسادة فقيره..
- توسد الفقر ..نمط جديد لسماع الموسيقى الغربيه ...أو رنات الهاتف الجوال.
الأصابع المتشابكة كغصن زيتونة لم يذق ماء ..منذ ستة اشهر..كان لحنا يونانيا قديما لصحوة الشهوات الدفينه .
والذراعان المرفوعان كاعمدة الكهرباء حبا بالإله ..تدور حول محور وحيد ...اسمه الرغبه.
الليل طويل ... وقدرة الأشياء على الانتظار تفوق قدرة البشر
وانحناء الكلمات على أذن انتصب زغبها مسبقا ايذانا بالهمس ...كان وصولا لحضارة الكهرباء..قبل ولادة المصابيح..
والحمامات الطليقة من قفص الحشمة ترفع مناقيرها وتنوء على الأضلاع..كيدان تصليان صباح العيد.
- كان صبحنا إذا ....كليلة القدر ...كليلة ليلاء..كيوم من أيام اللقاء ..بعد سفر طويل.
- - مسافران دوما ... غريبان حينا ...وأحيانا أصحاب الديار..
كاوراق الحور ..نتساقط صباحا ..مغمورين بالندى ..ومفعمين..بالرطوبة .. و التركيب الضوئي.
والستارة الوحيدة...تتطاير على وقع نسيمات خفيفة ,عندما كنا نعلن الأرض موطنا ..لجسدين امتلأا بحبات العرق.
جاهدين في التفتح خوف الترهل..
رائحة النشوة ...ودخان السجائر ..فاضت عن المكان.
كنا كما تتحرك البراعم دوما ...أول الربيع
- متلاحمان حد الخطيئه ..غارقان في مجاملات العصر البيزنطي...وذاك الندى الذي تلألأ فوق الشفة العليا..يتحرك مدا وجزرا..ليمتص جنون الكرز بثقة الأباطره..
- وكعاشق انهكه الكحول..كانت تتراخى أغصان الحور لتسقط ارضا..
بعد ريح قويه...والحمامات أقفلت مناقيرها, واعتكفت سجودها..وخمارها ..كتائبة عن ذنوبها ..احترفت الصلاة.
وذاك المحارب الريفي عاد... حاملا حربة مطوية..إلى عشبه وأرضه ..ليبني بيتا صغيرا ..يعبق بفرح طفولي حزين.
أما القمر ..فقد غاب في عيون مسدلة ستائرها ..
نامت على ترنيمة عشق قديم..
دمشق 9\7\2005