. . .
قصة قصيرة :
أبو كنعان وصالة المشاهير
بقلم :علي الصيرفي
كان أبو كنعان طيب القلب ،عظيم الهمة ،يحب الناس ،يعاملهم بتسامح وتعاطف ،دفعني فضولي ،لأن أطرح عليه بعض الأسئلة ،بينما كان منهمكاً بعمله سكينه التي يقطع بها الجلد اللامع ليصنع منه الأحذية ،كانت تعمل بكل دقة ،ووجهه المغضن ببعض التجاعيد ،زادته هيبة ووقاراً ،سألته :
- يا عمي كل الأمور تجري على غير عادتها كأن هناك خللاً كبيراً في مكان ما ،ما بال جارتنا شمسه تخض حليب غنماتها قبل شروق الشمس ،بينما وضحة الوقاع تنام حتى منتصف النهار ، وبنات القرية يتناوبن على جدل ضفائرها ،ضحك أبو كنعان وقال: يا سيدُ... أحلام الناس تركض خلف بريق كاذب ملطخ بالعار والسراب ، أتعرف ذلك الرجل المتلفع بكوفيته ، أضاع في الليل الفائت قعوداً ،عندما داهمتنا زوبعة الرمل القادمة من مكان مجهول ، قالوا أنها غريبة المنشأ تناقلتها وكالات الأنباء ، أحد المطلعين المقربين تحدث في لقاء ضيف النشرة قائلاً: إنها تحمل أشياء غريبة ، فقد وجدوا أجساداً ذائبة والملابس رائعة المنظر ، نظر إلي مستغرباً وقال : أتعرف هذا المتلطي خلف الجدار ،كانت قلنسوته ورقة توت لأجمل عارضة أزياء باريسية ،وذلك النفق المهم أضخم بكثير من نفق المانش الذي تملكه العربان ،ضحك أبو محمود، تُهَرّبُ منه كلمات متفجرة ، وأرغفة خبز مصنوعة من الـ. ت.ن. ت- وهواتف نقالة ، أم الشيخ محمود فكان وجهه الأكثر احمراراً فالبثور النازفة تملأ وجهه وزيتونة بنية اللون متدلية من وجنته ، سألته راقصة المعبد ،من أين جاءتك تلك الوحمة ؟ منظرها أكبر من أن تتركها تحبط مسارات عمرك ،في الطرف الغربي من البلدة ،يوجد طبيب يمكنه أن يخلصك من هذا القرف ووجع القلب ،فأنت الأكثر صلاحية في تلك الأيام وأرقام حظك ناهضة ، أما ذاك الذبيح خلف المئذنة والأجراس فهو المنبوذ ، والبوق لا يردد صوته ، ضحك أبو كنعان وارتسمت على وجهه علامات الدهشة ماذا يعرف ذلك الممهور بكل خيبات الأمل عن رسوم الطلسم الموزع عبر بيانات كانت تنثرها كاهنة المنطقة الغربية من المدينة ، يحكى أن ساحرة حملت على عاتقها تلك المهمة ،وقفت عند جدار الهيكل، وفوق مسلة نفرتيتي تركت صورتها التذكارية ،قبل العتم انطلق الرعيان يندبون حظهم ،كانت جلودهم قد أصيبت بمرض لا مثيل له ،قدور الطعام الكبيرة الحجم كانت تغلي والنسوة يحركن ما بداخلها ، صاحت إحدى الفتيات ،طعم اللحم مختلط برائحة النفط ،وهذا يفسد حفلة الماتينه التي أكدها شيخ الرعيان ،اجتمع الرعيان حول المنسف الأكثر دسماً ،كانوا يقضمون البصل الأخضر واليابس ، وعيونهم تلاحق ماتحت السرة من أجساد نساء الوفد الزائر لحظائرهم ،كانت الضحكات تجمع أرقام الأوراق الخضراء وسندات العمر وصفحات السجلات العقارية والتاريخية في مدينة شيخ الرعيان ،أنابيب الصمت النفط انتفخت قبل مغيب الشمس كان الزائر الأكثر انحلالاً قد قام بلصق فم كبير الرعيان ،وكتب عليه بخط عربي ليس له قاعدة ممنوع أن يتكلم ،ثم ترجمه إلى اللغات المقروءة بشكل" إعلانٍ مهم" ،علقت قطعة عظم في فم الشيخ المنفرد برعيته (بغرفته) حيث الخلوة مع الراقصة الشقراء تدل على النخوة ،واحتباس البول وتورم غدد الحب ،التي تُعَطِلُ منافذ َحواسيب البنوك ، رقصتْ المرأةُ الأكثرُ عرياً بين جموع الرعيان، وراحت تكشف عوراتها ، والبدوي المنقوع في برميل الزيت الأسود يلحس فخذيها ويغني منسجماً مع رقصتها ، أحد المنبوذين صاح بصوته القاسي : ما يجرع المر والله ما يجرع المر إلا يلي بقلبو الداي
صرخت به المتحرشة قائلة :
قَلْعُ لسانك أيها البوم ، ما بك هل شربتَ بول بعير أومزيج الويسكي بالشنينة مع العسل أم لعقت حليب النمل !! صوتك أقبح من عرير الضباع ، كان الرجل المصفرُّ قد انزعج فخرجت من فمه فأر تسحب جسدها بعد أن جرحتها أسنانه ، قفزت نحو الأرض وتحولت إلى سنور له ذيل رائع الجمال ، قفز الرجل فرحاً وركض وراء السنور يريد الإمساك به ، كانت دوريات الرفق بالحيوان تجوب شوارع الصحراء والبرك الآسنة ،وتصادر كل الأغاني التي تتحرش بالحيوان صرخ أبوكنعان :
لقد وقع ... في الفخ !! ذاك المطرب المتفذلك صاحب الكلمات الشهيرة (شو بحبك يا حمار)،كان المتلصص خلف الخيمة يسجل أقوال الرجلين ويقرر تحويلهما إلى محكمة العدل البدوية ، حيث الحاسوب الضخم لعد ِّ حبات رمال الصحراء في بلاد الرعيان ، انزلقت قدم الرجل ببقعة من الزيت فسقط في حضن امرأة نزعت منه كل دفاتر الصرف المالي والصحي ،وسحبت عنقه بعد ربطه بربطة عنق جديدة من جمعية الرفق بالحيوانات الكبيرة الحجم ، سحبته إلى قفص لامع ،وقدمت له وجبة طعام من عيون النمل وسجق من أمعاء البعوض السوداني ،فرح رقص بقوة شرب حليب الجراد العربي الذي يربى في صحراء الربع الحالم .
بعد فترة الغداء خرجت به المرأة مجروراً بين نعال النمل ،كان هناك صرصور كبير قد وضع على وجهه قناعاً رفعه نحو الحبل المربوط بخشبة قاسية وأدخل رأسه في دائرة الحبل وتركه بسرعة معلقاً بين الأفلاك القدرية دون السماح له بالعودة إلى القطعان ،قال أبو كنعان: لقد انتحر ، ضحك المنصوب فوق الخشبة والحبل يشتد حول رقبته ،لا تصدق يا أبا كنعان :
لم أنتحر ، بل خرجت من اللعبة ،وصار القطيع مع غيري ، قالوا لي: لقد أصبحت من أملاك الحفريات التابعة لمتحف المدينة ، لتصبح في الصالة الكبيرة التي تضم كل المشاهير . [img][/img]
قصة قصيرة :
أبو كنعان وصالة المشاهير
بقلم :علي الصيرفي
كان أبو كنعان طيب القلب ،عظيم الهمة ،يحب الناس ،يعاملهم بتسامح وتعاطف ،دفعني فضولي ،لأن أطرح عليه بعض الأسئلة ،بينما كان منهمكاً بعمله سكينه التي يقطع بها الجلد اللامع ليصنع منه الأحذية ،كانت تعمل بكل دقة ،ووجهه المغضن ببعض التجاعيد ،زادته هيبة ووقاراً ،سألته :
- يا عمي كل الأمور تجري على غير عادتها كأن هناك خللاً كبيراً في مكان ما ،ما بال جارتنا شمسه تخض حليب غنماتها قبل شروق الشمس ،بينما وضحة الوقاع تنام حتى منتصف النهار ، وبنات القرية يتناوبن على جدل ضفائرها ،ضحك أبو كنعان وقال: يا سيدُ... أحلام الناس تركض خلف بريق كاذب ملطخ بالعار والسراب ، أتعرف ذلك الرجل المتلفع بكوفيته ، أضاع في الليل الفائت قعوداً ،عندما داهمتنا زوبعة الرمل القادمة من مكان مجهول ، قالوا أنها غريبة المنشأ تناقلتها وكالات الأنباء ، أحد المطلعين المقربين تحدث في لقاء ضيف النشرة قائلاً: إنها تحمل أشياء غريبة ، فقد وجدوا أجساداً ذائبة والملابس رائعة المنظر ، نظر إلي مستغرباً وقال : أتعرف هذا المتلطي خلف الجدار ،كانت قلنسوته ورقة توت لأجمل عارضة أزياء باريسية ،وذلك النفق المهم أضخم بكثير من نفق المانش الذي تملكه العربان ،ضحك أبو محمود، تُهَرّبُ منه كلمات متفجرة ، وأرغفة خبز مصنوعة من الـ. ت.ن. ت- وهواتف نقالة ، أم الشيخ محمود فكان وجهه الأكثر احمراراً فالبثور النازفة تملأ وجهه وزيتونة بنية اللون متدلية من وجنته ، سألته راقصة المعبد ،من أين جاءتك تلك الوحمة ؟ منظرها أكبر من أن تتركها تحبط مسارات عمرك ،في الطرف الغربي من البلدة ،يوجد طبيب يمكنه أن يخلصك من هذا القرف ووجع القلب ،فأنت الأكثر صلاحية في تلك الأيام وأرقام حظك ناهضة ، أما ذاك الذبيح خلف المئذنة والأجراس فهو المنبوذ ، والبوق لا يردد صوته ، ضحك أبو كنعان وارتسمت على وجهه علامات الدهشة ماذا يعرف ذلك الممهور بكل خيبات الأمل عن رسوم الطلسم الموزع عبر بيانات كانت تنثرها كاهنة المنطقة الغربية من المدينة ، يحكى أن ساحرة حملت على عاتقها تلك المهمة ،وقفت عند جدار الهيكل، وفوق مسلة نفرتيتي تركت صورتها التذكارية ،قبل العتم انطلق الرعيان يندبون حظهم ،كانت جلودهم قد أصيبت بمرض لا مثيل له ،قدور الطعام الكبيرة الحجم كانت تغلي والنسوة يحركن ما بداخلها ، صاحت إحدى الفتيات ،طعم اللحم مختلط برائحة النفط ،وهذا يفسد حفلة الماتينه التي أكدها شيخ الرعيان ،اجتمع الرعيان حول المنسف الأكثر دسماً ،كانوا يقضمون البصل الأخضر واليابس ، وعيونهم تلاحق ماتحت السرة من أجساد نساء الوفد الزائر لحظائرهم ،كانت الضحكات تجمع أرقام الأوراق الخضراء وسندات العمر وصفحات السجلات العقارية والتاريخية في مدينة شيخ الرعيان ،أنابيب الصمت النفط انتفخت قبل مغيب الشمس كان الزائر الأكثر انحلالاً قد قام بلصق فم كبير الرعيان ،وكتب عليه بخط عربي ليس له قاعدة ممنوع أن يتكلم ،ثم ترجمه إلى اللغات المقروءة بشكل" إعلانٍ مهم" ،علقت قطعة عظم في فم الشيخ المنفرد برعيته (بغرفته) حيث الخلوة مع الراقصة الشقراء تدل على النخوة ،واحتباس البول وتورم غدد الحب ،التي تُعَطِلُ منافذ َحواسيب البنوك ، رقصتْ المرأةُ الأكثرُ عرياً بين جموع الرعيان، وراحت تكشف عوراتها ، والبدوي المنقوع في برميل الزيت الأسود يلحس فخذيها ويغني منسجماً مع رقصتها ، أحد المنبوذين صاح بصوته القاسي : ما يجرع المر والله ما يجرع المر إلا يلي بقلبو الداي
صرخت به المتحرشة قائلة :
قَلْعُ لسانك أيها البوم ، ما بك هل شربتَ بول بعير أومزيج الويسكي بالشنينة مع العسل أم لعقت حليب النمل !! صوتك أقبح من عرير الضباع ، كان الرجل المصفرُّ قد انزعج فخرجت من فمه فأر تسحب جسدها بعد أن جرحتها أسنانه ، قفزت نحو الأرض وتحولت إلى سنور له ذيل رائع الجمال ، قفز الرجل فرحاً وركض وراء السنور يريد الإمساك به ، كانت دوريات الرفق بالحيوان تجوب شوارع الصحراء والبرك الآسنة ،وتصادر كل الأغاني التي تتحرش بالحيوان صرخ أبوكنعان :
لقد وقع ... في الفخ !! ذاك المطرب المتفذلك صاحب الكلمات الشهيرة (شو بحبك يا حمار)،كان المتلصص خلف الخيمة يسجل أقوال الرجلين ويقرر تحويلهما إلى محكمة العدل البدوية ، حيث الحاسوب الضخم لعد ِّ حبات رمال الصحراء في بلاد الرعيان ، انزلقت قدم الرجل ببقعة من الزيت فسقط في حضن امرأة نزعت منه كل دفاتر الصرف المالي والصحي ،وسحبت عنقه بعد ربطه بربطة عنق جديدة من جمعية الرفق بالحيوانات الكبيرة الحجم ، سحبته إلى قفص لامع ،وقدمت له وجبة طعام من عيون النمل وسجق من أمعاء البعوض السوداني ،فرح رقص بقوة شرب حليب الجراد العربي الذي يربى في صحراء الربع الحالم .
بعد فترة الغداء خرجت به المرأة مجروراً بين نعال النمل ،كان هناك صرصور كبير قد وضع على وجهه قناعاً رفعه نحو الحبل المربوط بخشبة قاسية وأدخل رأسه في دائرة الحبل وتركه بسرعة معلقاً بين الأفلاك القدرية دون السماح له بالعودة إلى القطعان ،قال أبو كنعان: لقد انتحر ، ضحك المنصوب فوق الخشبة والحبل يشتد حول رقبته ،لا تصدق يا أبا كنعان :
لم أنتحر ، بل خرجت من اللعبة ،وصار القطيع مع غيري ، قالوا لي: لقد أصبحت من أملاك الحفريات التابعة لمتحف المدينة ، لتصبح في الصالة الكبيرة التي تضم كل المشاهير . [img][/img]